المؤتمر القومي العربي
ARAB NATIONAL CONFERENCE
بيان صادرعن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي حول "وثيقة جنيف"
إن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، ومن منطلق إيمانها والتزامها بعروبة فلسطين باعتبارها القضية المركزية للعرب، ومن منطلق تمسكها بالثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني والثوابت القومية للأمة العربية، وبعد قراءة موضوعية لوثيقة جنيف تؤكد على ما يلي
:أولاً: إن هذه الوثيقة بمضامينها الخطيرة، وإعلانها في هذا الوقت بالذات، بعد الاحتلال الأمريكي – البريطاني الغاشم للعراق، ليست معزولة عن المخطط الأمريكي – الصهيوني الشامل الذي يستهدف السيطرة الكاملة على المنطقة العربية وإعادة رسم خرائطها، انما تستهدف فرض حلٍ للصراع العربي – الصهيوني بين الشعب الفلسطيني والكيان الصهيوني العنصري على قاعدة التسليم بتكريس الرؤية الصهيونية الأمريكية لحل تصفوي، وإضفاء الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية على هذا الحل، الذي يتناقض مع شرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية.
ثانياً : ان في مقدمة النتائج الخطيرة التي تنطوي عليها هذه الوثيقة هو تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين في الشتات الذين اقتلعوا من بلادهم تمهيداً لإلغاء قرار الأمم المتحدة رقم /194/ الذي يؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وقراهم التي هجروا منها قسراً عام 1948، وهذا يذكرنا بالتحرك الأمريكي – الصهيوني المكثف الذي نجح سابقاً في إلغاء قرار الأمم المتحدة الشهير 3337 الذي كان يساوي بين الصهيونية والعنصرية .
إن كل الحلول المطروحة في الوثيقة حول قضية اللاجئين الفلسطينيين بعيدة عن ضمان حق العودة الذي يمثل أساس وجوهر القضية الفلسطينية، كما تصب في مخطط فرض مؤامرة توطين الفلسطينيين خارج أرضهم وديارهم في فلسطين التاريخية التي طردوا منها قسراً .
ان محاولة فرض مؤامرة التوطين هذه ليست معزولة عن التحرك الأمريكي المترافق مع إعداد هذه الوثيقة والذي عبر عن نفسه من خلال تحرك أعضاء في الكونغرس الأمريكي لتقديم مشروع قانون يصدر باسم الكونغرس يطلب من الدول المضيفة للاجئين ويلزمها بتجنيسهم في البلدان التي يقيمون فيها.
ثالثا : ولمزيد من التضليل والخداع تشير الوثيقة بأن حل مشكلة اللاجئين سيكون على أساس قرار مجلس الأمن /242/ والقرار /194/ ومبادرة السلام العربية، حيث بإمكان الحلول المطروحة استيعاب اللاجئين الفلسطينيين من أي مكان في العالم ما عدا ما ترفضه إسرائيل باعتبار ذلك، وكما تقول الوثيقة، عنصر سيادة لدولة العدو الصهيوني "تقبل ما تقبله وترفض ما ترفضه"، كما تسعى نصوص الوثيقة من جهة ثانية لإرهاب الفلسطينيين الذين يرفضون الخيارات المطروحة بفقدان حقهم بعد مرور عامين بأي من هذه الخيارات إذا لم يقدموا طلباتهم إلى اللجنة الدولية المكلفة بمتابعة هذا الملف. وتؤكد الوثيقة على الحل المتدرج لوكالة غوث اللاجئين وخدماتها لإعفاء المجتمع الدولي من التزاماته تجاه الشعب الفلسطيني في الشتات.
رابعا : نصت وثيقة جنيف على الطابع اليهودي للدولة الصهيونية الامر الذي لا يهدد بتصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين فحسب، بل يحمل أكبر المخاطر على مصير ومستقبل مليون ومائتي ألف فلسطيني يعيشون في الأراضي المحتلة عام 1948، وبما يعطي المبررات ويمهد الطريق لعمليات ترحيل وترانسفير لهذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي يعيش على أرضه التاريخية والذي سيقال أن وجوده وتزايد أعداده سيهدد الطابع اليهودي للدولة الصهيونية، كما يعني هذا النص تأكيد حق وتشجيع كل يهودي في العالم للعودة لما يسمى "أرض الميعاد" وتشريع للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين.
خامساً : اضافة الى ما سبق فإن وثيقة جنيف، تجعل من الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة، التي كافح ويكافح الشعب الفلسطيني لإقامتها، مجرد كيان هزيل خاضع للكيان الصهيوني بشكل كامل وتفرض على شعب فلسطين العيش في معازل ومحميات فاقدة للسيادة والترابط تستمد مقومات استمرارها من الاحتلال. فقد نصت الوثيقة بوضوح أن "الدولة" العتيدة مجردة من السلاح لا يرابط فيها أي قوة فلسطينية مسلحة تنسق وتتعاون أمنياً مع "إسرائيل" التي يحق لها أن تحتفظ بتواجد عسكري في غور الأردن وإقامة محطات إنذار مبكر شمال ووسط الضفة الفلسطينية، كما أن سلاح الجو الإسرائيلي له كامل الحق باستخدام المجال الجوي في الأجواء الفلسطينية، وكذلك فإن معابر الحدود يشرف عليها قوة أمن فلسطينية وقوة أمن متعددة الجنسيات لمنع دخول عناصر محظورة إلى فلسطين، وحتى في قاعات المسافرين تحتفظ "إسرائيل بحضور غير منظور للعين لمراقبة دخول وخروج المسافرين.
سادساً : نصت الوثيقة على مبدأ التبادلية في الأراضي وهذا يعني بوضوح عدم الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة في 5 حزيران 1967، كما يعني التسليم بوجود وبقاء المجمعات الاستيطانية والسيطرة العملية على مدينة القدس وتهويدها من خلال التسليم بسيادة "إسرائيل" على حائط البراق وأجزاء من الحارة القديمة في القدس الشرقية.
سابعاً : إن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي ترى في وثيقة جنيف تبديداً صريحاً للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وللأمن القومي العربي برمته من خلال تكريس الكيان الصهيوني للسيطرة على عموم المنطقة وفرض مخططات التوطين التي تعني محاولات زرع الفتنة في الوطن العربي.
ولذلك فإنها تدعو القيادة الرسمية الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى إعلان الرفض الواضح لوثيقة جنيف وسحب أي غطاء عنها، كما تعلن تضامنها الكامل مع كافة التحركات الشعبية التي يقوم بها الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وفي كل مواقع اللجوء والشتات للتعبير عن رفضه لهذه الوثيقة ومضامينها وتمسكه بحقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس وفي مقدمها المؤتمر الشعبي للدفاع عن حق العودة الذي انعقد في غزة في اليوم ذاته الذي جرى فيه الاعلان عن وثيقة جنيف.
واخيراً فان الأمانة العامة تدعو الدول العربية إلى عدم إعطاء أي شرعية عربية رسمية لهذه الوثيقة كما تدعو القوى السياسية والأحزاب والفاعليات الشعبية العربية على امتداد الوطن العربي للقيام بتحرك جاد لرفض هذه الوثيقة وكشف مخاطرها، والى دعم الصمود والكفاح البطولي لشعب فلسطين وانتفاضته الباسلة والى مواصلة الضغط على النظام الرسمي العربي للقيام بكل مستلزمات دعم الانتفاضة والالتزام بكل ما صدر عنه من مقررات ذات الصلة بمساندة نضال الشعب الفلسطيني.
2/12/2003
|