www.arabnc.org
   
الصفحة الرئيسة
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
المشاركون في الدورة ا
المشاركون في الدورة ا
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول المشاركين 30
جدول المشاركين 31
جدول المشاركين 32
جدول المشاركين 33
الأول 1990
الثاني 1991
الثالث 1992
الرابع 1993
الخامس 1994
السادس 1996
السابع 1997
الثامن 1998
التاسع 1999
العاشر 2000
الحادي عشر 2001
الثاني عشر 2002
الدورة الطارئة 2002
الرابع عشر 2003
الخامس عشر 2004
السادس عشر 2005
السابع عشر 2006
الثامن عشر 2007
التاسع عشر 2008
العشرون 2009
الواحد والعشرون 2010
الثاني والعشرون 2011
الثالث والعشرين 2012
الرابع والعشرون 2013
الخامس والعشرون 2014
السادس والعشرون 2015
السابع والعشرون 2016
الثامن والعشرون 2017
التاسع والعشرون 2018
الثلاثون 2019
الواحد والثلاثون 2022
الثاني والثلاثون 2023
الثالث والثلاثون 2024
القائمة البريدية
بحث
تصغير الخط تكبير الخط 
الوحدة العربية 30 ((الوحدة العربية 30))
المؤتمر القومي العربي
ARAB NATIONAL CONFERENCE
التوزيع: محدود
الرقم: م ق ع 30/وثائق 9
التاريخ: 5/7/2019
 ـــــــــــــ
المؤتمر الثلاثون
5 – 6 تموز/يوليو 2019
بيروت - لبنان

إمكانية التوجّه لتحقيق الوحدة العربية التكاملية **
د. ريم منصور الأطرش*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، مترجمة وكاتبة
** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.
 
إمكانية التوجّه لتحقيق الوحدة العربية التكاملية 

د. ريم منصور الأطرش

ملخّص
تتناول هذه الورقة طرحاً لإمكانية التوجّه لتحقيق الوحدة العربية التكاملية؛ فالعروبيون لا يزالون يرونها ممكنة وضرورية، وبعضهم الآخر، عروبياً كان أم منتمياً إلى تيارات أخرى، أم مستقلاً، يرى استحالة تحقّقها، أو أنّ ذلك دونه صعوبات جمّة. واجب المؤمنين بها النضال من أجل تحقيقها. فكيف السبيل إلى ذلك؟ 
وفي سياق الورقة، نذكّر سريعاً بكيفية تناول بعض مفكّري النهضة العربية لمفهوم الوحدة العربية، وضرورة فصل الدين عن السياسة والظروف التي دفعتهم إلى ذلك، في لمحة سريعة.
نتطرّق في هذه الورقة إلى إمكانية أن تصبح الوحدة العربية قابلة للتحقّق التدريجي، بالتكامل الاقتصادي والأمنيّ. ونبحث في العلاقة بين الوحدة العربية والظروف الراهنة في الوطن العربي، بعد اجتياحه مما سُمِّيَ بِ "الربيع العربي".
كما نؤكّد على أهمية المقاومة وتكامل محورها  وتلازم مساراتها، من أجل التحرّر من الاحتلالات الأجنبية  الموجودة على الأرض، ضمن إقليم المقاومة ، وأخطرها هو الاحتلال الصهيوني!
تحاول هذه الورقة ترسيخ مفهوم الوحدة العربية الذي لا ينفصل مبدئياً عن مفهوم الوحدة الوطنية والمواطنة والعدالة الاجتماعية في الأقطار العربية، إلا أنّ المؤمن بهذا المفهوم لا يتميّز عن غيره من المواطنين بأيّ ميّزة تجعله يمتلك السلطة، بهدف فرضها على الآخرين؛ بل نحاول التركيز على أهمية الفضاء الديمقراطي والحريات العامة، الذي لا تستقيم الوحدة العربية والوحدة الوطنية من دون تحقيقهما، وعلى إمكانية تحقيقهما فعلاً.
ثم نتطرّق إلى نظرة السوريين السلبية لمفهوم الوحدة العربية التي استحدثتْها المحنة السورية. 
نطرح، في الخاتمة، أسئلة يثيرها الوضع العربي الراهن اليوم، فيوضع فيها مصيرُ الوحدة العربية على المِحَكّ. 
ونخلص إلى أن الوحدة العربية لا تزال تصلح لإعطاء الأملِ مجدداً للجميع في حياة أفضل، ضمن جو من العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات العربية، ضمن خطة وحدوية، على ضوء المصالح المشتركة الفعلية، وأهمها التكامل الاقتصادي...
الكلمات المفتاحية
الوحدة العربية التكاملية – الوحدة الوطنية - المواطنة – العدالة الاجتماعية – التكامل الأمنيّ – التكامل الاقتصادي - النهضة العربية – الربيع العربي - الديمقراطية – الحريات العامّة – محور المقاومة – المحنة السورية.

إمكانية التوجّه لتحقيق الوحدة العربية التكاملية
د. ريم منصور الأطرش
مقدمة
تُستَهدَف أمتنا العربية في الصميم بسهام الحقد والغطرسة المدعومة من الاستعمار بشتى أشكاله، بهدف تدمير اقتصاداتها وإفقارها والاستيلاء على ثرواتها، وتفتيتها على أساس طائفي ومذهبي وإثني، أكثر مما تعانيه من تجزئة في الواقع. ونتيجة مباشرة لذلك الاستهداف، دخل وطننا العربي في حال من الفوضى والاحتراب والاقتتال والتآكل والتدمير الممنهَج لحضارته على يد الإرهاب المدعوم دولياً وإقليمياً!
يواجه أبناء الوطن العربي، في كل أرجائه، تحدّيات شرسة لم تسبق لهم مواجهتها. ونحن، المؤمنين بالعروبة، نهجَ حياة، من بينهم، ولا نزال نحاول تجنيد أنفسنا لمجابهة تلك التحدّيات. العروبيون لا يزالون يرون الوحدة العربية ممكنة التحقّق، لا بل ضرورية أيضاً، وبعضهم الآخر يرى صعوبة تحقّقها، أو أنّ دون ذلك صعوبات جمّة. لا يزال المؤمنون بها يعتقدون أنّ من واجبهم النضال من أجلها. 
من الممكن أن تصبح الوحدة العربية قابلة للتحقّق التدريجي، عبر التكامل الاقتصادي والأمنيّ. وخاصةً أنّ ثمة علاقة بين الوحدة العربية والظروف الراهنة في الوطن العربي، بعد اجتياح ما سُمِّيَ ب "الربيع العربي" لمعظم أرجائه.
كيفية تناول بعض مفكّري النهضة العربية لمفهوم الوحدة العربية: لمحة سريعة
النهضة العربية هي حقبة التنوير العربي في مصر، وبلاد الشام، وشمال إفريقيا. هي نهضة فكرية عربية انتشرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تبنّتْها مجموعة من المفكّرين العرب، في الوطن العربي والمهجر، وكان الهدف منها النهوض بالأدب العربي وبالفكر العربي وببناء الدولة، وذلك من خلال مبدأ التمييز بين الدين والحُكم في الدولة.
ساهم عصر النهضة العربية في تعزيز دور اللغة العربية أدبياً وثقافياً، وعمل على تعزيز الهويّة العربية. وقد ساهم أيضاً في تعزيز الانتماء إلى كلّ ما هو عربي وإلى الوحدة العربية.
يقول فرانسيس مرّاش، أحد مفكّري النهضة العربية، من حلب، في إحدى مقالاته: " فهبّوا من رقادكم يا جميع أبناء الوطن وادخلوا في مراسح العلم ومسارح المعارف والآداب لتكونوا أولاد هذا العصر الجديد..." .
كما يكتب قائلاً في مقالة أخرى: "قوموا بنا يا معشرَ بني العرب إلى امتطاء جواد التاريخ، فيهبّ إلى ميادين الأعصار والقرون الغابرة..." .
أما الإمام عبد الرحمن الكواكبي، فقد كتب في طبائع الاستبداد:
"الدين ما يدين به الفرد، لا ما يدين به الجَمع. (...)... أمم أوستريا وأميركا قد هداها العلم لطرائق شتى وأصول راسخة للاتحاد الوطني دون الديني، والوفاق الجنسي دون المذهبي، والارتباط السياسي دون الإداري. (...). دعونا ندبّر حياتنا الدنيا ونجعل الأديان تحكم في الأخرى فقط. دعونا نجتمع على كلمات سواء، ألا وهي: فلتحيَ الأمة، فليحيَ الوطن، فلنحيَ طلقاء أعزاء." .
ومن الخطأ المُبين، برأي الكواكبي، تلازم الدولة والدين. وكان من رأيه ضرورة التمييز بين الدولة والدين، إذ إنه في حال سقطت الدولة، فيجب ألا يسقط الدين . كما أنه رفض رفضاً قاطعاً تدخّل علماء الدين في السياسة. 
أول مَنْ أطلق شعار، "الدين لله والوطن للجميع"، هو المعلّم بطرس البستاني، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ردّاً على مذابح العام 1860، التي أخذت لبوسَ الفتنة الطائفية، لكنّ هدفها، في الواقع، كان جعل الاقتصاد السوري واللبناني اقتصاداً غير منتِج. ولم يكتفِ المعلم البستاني بذلك، بل أسّس في بيروت، في العام 1863، في زقاق البلاط، مدرسة وطنية عَلمانية مختلطة، ضمن بحر من المدارس الطائفية! كما أطلق شعاراً آخر هو "فصل السياسة عن الرياسة"، أي "فصل السياسة عن السُلطة الدينية"؛ إذ إنّ غاية الدولة هي دنيوية محضة. 
إنّ مفكّري عصر النهضة العربية الذين عانوا، مثل الشعب العربي، من الظلم العثماني، وشهِدوا المذابح التي ساهم فيها العثماني بدعم من القناصل الأوروبيين وبتواطؤ معهم، ثم، في وقت لاحق، عانوا من سياسة التتريك، وجدوا ملاذهم في الاتجاه العروبي وفي الدعوة إلى الوحدة العربية، بتوجيه خطابهم إلى بني العرب كافة، في سبيل تأسيس دولة الأمة العربية، كما فعلت الأمم الأخرى في العالم. لقد نادوا أيضاً بفصل الدين عن الدولة، بعد ما عاناه الناس في المشرق من مذابح عديدة ومتكرّرة، كان هدفها كسر الاقتصاد، بالاستيلاء على الحرير، عماد الاقتصاد آنذاك، وجعله اقتصاداً تابعاً للاقتصاد الغربي، وبشكل خاص، للاقتصاد الفرنسي ولسوق الحرير في ليون . 
وما أشبه اليوم بالبارحة! فما يجري في سوريا، مثلاً، هو محاولة حثيثة لتفتيتها بلبوس طائفي، والهدف الأبعد هو السيطرة على ثرواتها النفطية والغازيّة، وتغيير مسارها المقاوِم الهادف إلى تحرير الأراضي المحتلّة. فما علينا سوى اتخاذ نهج النهضة العربية بالتمسّك بالوحدة العربية بعد هذه المحنة التي تمرّ بها سوريا والكثير من دول الوطن العربي!  
إمكانية تشكيل جبهة عربية أمنيّة واقتصادية
من الممكن أن تصبح الوحدة العربية قابلة للتحقّق، ولكن بشكل تدريجي، وذلك بالتكامل الأمنيّ الاقتصادي الذي يقيم تشبيكاً في المصالح، ضمن نواة سوريا، لبنان، العراق. إذ يمكننا استنتاج العِبَر من الظروف الراهنة، خاصةً في بلاد الشام، بعد اجتياحها مما سُمِّيَ بِ "الربيع العربي"!
"وعلى ضوء التجربة، فإن تماثل النظم الاقتصادية يقرّب العمل الوحدوي إلى الأذهان في مختلف أقطار العروبة: فالتكامل الاقتصادي والتبادل التجاري وتحديد نطاق القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المشترك يسهّل العمل الوحدوي، ويخلق تشابكاً في العلاقات الاقتصادية تربط الأقاليم برباط المصلحة الدائمة التي يحرص عليها كل فرد" .
في الواقع، كانت الهجمة الشرسة من الإرهاب المدعوم عالمياً وإقليمياً، قد طالت سوريا والعراق ولبنان أيضاً. إن دخول حزب الله اللبناني إلى سوريا وقتاله إلى جانب الجيش العربي السوري والقوى الأخرى الرديفة، استطاع إنقاذ الكثير من الأراضي السورية ومن المواطنين السوريين من براثن الإرهاب. كما أنّ تطهير الأراضي العراقية الواسعة من الإرهاب، والتي هي العمق الاستراتيجي لسوريا، بواسطة الحشد الشعبي والمقاومة العراقية الباسلة وأيضاً الجيش العراقي، كلّ ذلك أدّى إلى حماية سوريا والعراق ولبنان معاً. وقد ذكر سماحة السيد حسن نصر الله، أنّ تدخّل حزب الله في سوريا هو "خيار الضرورة" ، ولولاه لاجتاح الإرهاب كلّ لبنان، ولكُسِرَ ظهر المقاومة، وهي سوريا. وقد أثبتت الأحداث ذلك فعلاً. وكان ذلك بإرادة صادقة من أبناء سوريا ولبنان المؤمنين بالمقاومة، كذلك الأمر في التنسيق الذي تمّ بين الجيشين العربي السوري والعراقي والحشد الشعبي!
"يخطئُ من يعتقد أن الأمة العربية قادرة على الوصول إلى وحدتها بفعل سحري، أو إرادة غير إرادة أبنائها. فهذا النضال الشاق يجب أن ينطلق من فكرة الوحدة نفسها ويقوم على تنسيق دائم في كل خطوة نخطوها لهدم أي حاجز في وجه التحام الوحدويين في كل الأقطار العربية." 
لقد كان للدعم الاقتصادي من إيران، ولقرار تمرير النفط العراقي إلى سوريا، أثره الإيجابي في محاولة كسر الحصار الغاشم على سوريا، من خلال حرب اقتصادية تقودها الولايات المتحدة.
وقد أكّدت الحرب التي شُنَّت على سوريا على أهمية المقاومة وتكامل محورها وتلازم مساراتها، بهدف تحرير المنطقة من الاحتلالات الأجنبية، ضمن إقليم المقاومة، وطبعاً، أخطرها هو الاحتلال الصهيوني!
"... ليس من رد يجيب به الشعب العربي وينهض إلى مستوى الأخطار والتحديات إلا الدفع على طريق وحدة هذه الأمة وتجميع إمكاناتها وقواها وتكاملها في كل المواقع المتجاورة بكل الصيغ الممكنة والمتاحة، وبخاصة بين الأقطار الواقعة على خطوط المواجهة والمستهدفة قبل غيرها بالاختراق والتطبيع، والأقطار التي تشكّل عمقاً استراتيجياً وراءها" .
ولم يعدْ خافياً على أحد أنّ صواريخ الردع التي ترشقها المقاومة الفلسطينية في غزة، فتوجع بها الاحتلال الصهيوني، هي صواريخ من صنع إيراني وسوري، وأيضاً من تطوير فلسطيني محلّي، وقد عمل شباب حزب الله على إيصالها إلى غزة، بتفكيكها ثم تركيبها هناك. وقد تمّ القبض عليهم في مصر، واستطاعوا الهروب من السجن بعد ثورة 25 يناير 2010 .
نظراً لضرورة تلازم محور المقاومة من أجل التصدّي للخطر الصهيوني، وبهدف العمل على تحرير فلسطين التاريخية، وتحرير الجولان والأراضي المغتصبة من الكيان الصهيوني، أضحى ضرورياً ولازماً العمل على تحقيق نوع من الكونفيدرالية في بلاد الشام، بأقصى سرعة، من أجل تحقيق التكامل على الصعيد الزراعي والثرواتي والاقتصادي والأمني، بهدف تكامل القوى المقاوِمة: فيبدو أنّ الحرب واقعة لا محالة مع الصهاينة، وهذا ما يتحدثون به، هم أنفسهم! في حال وقعت الحرب، فعلينا الاستعداد لها، نحن في محور المقاومة، في سوريا والعراق والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، وكذلك في إيران، الداعمة الأولى للمقاومة! ونحن نتوقّع أن تقف جيوش عربية مع العدو الصهيوني ضد محور المقاومة، تلك الجيوش التي نفّذت ولا تزال مناورات عسكرية جنباً إلى جنب، مع الجيش الصهيوني!
المطلوب دائماً، هو استعداد وجاهزية كاملة من محور المقاومة لأيّ عدوان صهيوني محتمل عليه؛ وهذه الحال تستدعي منه نوعاً من التكامل والتنسيق في كل المفاصل الأمنية والاقتصادية، فالحرب الاقتصادية هي عدوان أشدّ شراسةً عليه من أيّ حرب عسكرية!
"اجتهد المرحوم عبد البر عيون السود، وهو من القياديين الأوائل في حزب البعث، بأن الوطن العربي فسيح جداً، وأن مستويات الوعي فيه لا تتقارب في كل أجزائه؛ ولكي نسهّل عودة الأمة إلى وحدتها فلا بُدّ من تقسيم الوطن العربي اعتبارياً إلى أقاليم تتشابه فيها الأوضاع السياسية والاجتماعية، ويكون العمل الوحدوي فيها هدفاً استراتيجياً: فالجزيرة العربية مثلاً تشكّل إقليماً وكذلك وادي النيل، وكذلك المغرب العربي، ثم سوريا الطبيعية أو الهلال الخصيب. (...). وبعد ما يقارب نصف قرن من الزمن نرى أن العودة إلى هذا الرأي فيها كثير من الواقعية، على أن لا يغيب عن ذهننا أن كل شرط على قيام الوحدة باطل، وأنه كلما نقص عدد الدول العربية تعافى الوطن العربي. فهذا التناقص بادرة صحية وهو يؤدي إلى تجمّع أقوى كمّاً ونوعاً. ويجدر بنا أن نلاحظ أن حظ قيام أي وحدة في هذه الأقاليم قد لا يكون متساوياً، وقد تكون الظروف الموضوعية والواقعية مواتية لصب الجهود على قيام وحدة الهلال الخصيب أكثر منها على وادي النيل أو الجزيرة العربية مثلاً. وعلى كل الأحوال ليس هنالك من ضير في تزامن العمل الوحدوي في إقليمين" .
".... فلا بُدّ إذن من وضع مشروع يكون هدفه الاستراتيجي تحقيق وحدة الأقاليم العربية، يقوم على فكرة الفيدرالية من حيث شكل الوحدة، وينص القانون الأساسي فيه على كون كل إقليم هو جزء من الأمة العربية، وعلى أن جميع التشريعات في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يجب أن تستوحي هذا الهدف الأساسي وهو الدولة العربية الواحدة. ولا بُدّ من التأكيد على ضرورة تنسيق مختلف التشريعات القطرية لتفادي التضارب والتناقض، وعلى الأخص في ما يتعلّق بالحقوق الأساسية للمواطن العربي بسبب أهميتها الكبرى في خلق مناخ ملائم للعمل الوحدوي. (...) أعود إلى فكرة الجبهة الوحدوية في كل الأقطار العربية. فهي مكلَّفة بوضع دستور للوطن العربي يقوم على الفيدرالية، والنص على الحقوق الأساسية للإنسان العربي، ويستهدف في المرحلة الأولى وحدة الهلال الخصيب. ولكي لا يبقى هذا الكلام مجرد أمنية، فإننا ندعو إخواننا المبادرين إلى طرح فكرة الكونفيدرالية، وهم معروفون، إلى الالتقاء مجدّداً ودراسة صيغة ملائمة للمرحلة وإيداعها لدى رؤساء الدول المعنية بعد الطواف عليهم ومقابلة البرلمانات ووضعها أمام مسؤولياتها من أجل تسهيل العمل الوحدوي ودعمه بقرارات علنية" .
الوحدة العربية والوحدة الوطنية والمواطنة والعدالة الاجتماعية. 
إنّ ترسيخ مفهوم الوحدة العربية لا يمكنه أن ينفصل مبدئياً عن مفهوم الوحدة الوطنية والمواطنة والعدالة الاجتماعية في الأقطار العربية، غير أنّ من يؤمن بهذا المفهوم لا يمكن منحه أيّ ميزة تجعله مميّزاً عن غيره من المواطنين بهدف امتلاكه للسلطة، وفرضها على الآخرين؛ بل إنّ من واجب المؤمنين بهذا المفهوم التركيز على أهمية الفضاء الديمقراطي والحريات العامة، الذي لا تستقيم الوحدة العربية والوحدة الوطنية من دون تحقيقهما، وعلى إمكانية تحقيقهما فعلاً.
فالمواطنون، في كل الأقطار العربية، هم الذين سيعملون على دعم تحقيق الوحدة العربية، حين يستطيعون التعبير بحرّية عن آرائهم، في جوّ صحي من الديمقراطية التي تحترم كلّ الآراء البنّاءة والخلاقة؛ إضافة إلى ضرورة توفّر المواطنة، أي التساوي في الحقوق والواجبات كافة بين جميع المواطنين، وتوفّر العدالة الاجتماعية لهم، وتكافؤ الفرص، من خلال سيادة القانون على الجميع!   
"الأمة العربية تواجه في الظرف الحاضر مشكلات الحرية على مستويين: المستوى الوطني والمستوى القومي" .
على المستوى الوطني، الحرية والديمقراطية متلازمتان، وتعدّد الصيغ الديمقراطية غير مُجدٍ إنْ لم يكن أساس تلك الصيغ الحريات الأساسية التي يضمنها الدستور وتضمنها أيضاً سيادة القانون على الجميع من دون استثناء. فالرأي الآخر هو نتاج الحرية، واحترامه تكفله الصيغ الديمقراطية التي تتيح الممارسة الديمقراطية في العمق، من دون ممارسة الإرهاب الفكري. من هنا، تتولّد المعارضة الوطنية الحقيقية، التي تستخدم الحوار مع الفئة الحاكمة، وسيلةً ناجعة للتقريب من وجهات نظر الطرفين، شرط الالتزام بنتائج الحوار، في سبيل خير الوطن والمواطن. والحوار هو البديل الناجع عن اللجوء إلى العنف التدميري للبلاد، وعلى الفئتين الحاكمة والمعارضة احترامه واختياره عن قناعة، وفي اختياره اعتراف من الطرفين بحق الطرف الآخر في الوجود والعمل على تحقيق خير الأقطار وخير الأمة!
"... إننا نعمل ونكافح من أجل ترسيخ الديمقراطية في الوطن العربي ليتاح لنا العمل الوحدوي بحرية تامة. فالعمل الوحدوي مقيَّد الحركة ولا بُدّ من فكّ قيوده ولو بأغلى الأثمان" .
"حق المعارضة مصان بالدستور ومحترم في الواقع ووجود المعارضة هو مقياس حقيقي لوجود
الديمقراطية... سيادة رأي الأكثرية لا يلغي رأي الأقلية ولهذه الأقلية الحق دوماً بالتذكير
بموقفها" 
"... ولكن لا بُدّ من صكوك ضامنة ومؤيّدات زجرية لحماية تلك الحقوق، لتمكين المواطن من ممارستها دون الخوف من ثأر أو عقاب. وهذا ما اصطلح على تسميته بالديمقراطية بمضمونها السياسي والاجتماعي" . 
هكذا، يتوفّر الدعم الشعبي للسياسات الخارجية التي تتّخذها الفئات الحاكمة في الأقطار العربية.
كما يكون متوفّراً لصدّ أيّ خطر محتمل على الوطن.
كي تكون الجاهزية الوطنية في أتمّ فاعلية، يجب أن تصون الدولة كرامة المواطن بالعيش الكريم وبالعدالة الاجتماعية وبالتوزيع العادل للثروة، وأن يكون ذلك كلّه مضموناً بالقانون، وألا تتخلّى الدولة عن واجبها الاجتماعي تجاه مواطنيها، خاصة الفئات الضعيفة اقتصادياً!
"... إن مناشدة الناس لوعي الأخطار المحدقة بالوطن والنفور لمواجهتها بموقف وطني متّحد، لا تجدي إذا كانت السياسة  القاصرة قد قطعت أوصال المجتمع وروابطه الوطنية مع قضاياه الأساسية. فالنداء لاستنفار القوى الوطنية هو وضع الجاهزية الوطنية في حالة الحركة. فالجاهزية الوطنية يجب أن تسبق كل دعوة لموقف وطني متّحد..." .
على المستوى القومي أيضاً، لا بُدّ من أن تكون الحرّيات العامّة مكفولة في دستور دولة الوحدة، في حال قيامها يوماً، أو في حال قيام الكونفيدرالية على أساس التكامل الاقتصادي والأمني، خطوة بدايةٍ على طريق الوحدة العربية! فالمسألة الهامّة التي تواجه الأمة العربية "... هي مسألة حقوق الإنسان الأساسية. فالعربيّ في وطنه الفسيح ما زال يشعر أنه لا يتمتع بالحرية التي تمكّنه من العيش عيشةً خالية من القلق، بسبب العراقيل التي تقيّد نشاطاته الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولحلّ هذه المعضلة لا بُدّ من الانطلاق من القناعة بأن الحرية هي حق طبيعي للإنسان العربي وليست منّة أو هبة من الحاكم" .
نظرة السوريين السلبية لمفهوم الوحدة العربية خلال المحنة السورية الحالية.
"الأمة العربية مجزّأة سياسياً وعلى الأخص بعد اتفاقية سايكس - بيكو؛ فولّدت هذه التجزئة شعاراً هو "الوحدة" عبّر عن تعلّق العرب بضرورة العودة فعلياً إلى وحدة الأمة" .
"... إننا عندما نؤمن بوحدة الأمة العربية نلتزم بإسقاط التجزئة" .
الأثر السلبي الذي تركته المحنة السورية على مواطني الجمهورية العربية السورية اليوم، في ما يخصّ مفهوم العروبة والوحدة العربية، لا يُستهان به مطلقاً. إذ إنهم شعروا بأنّ الطعنة في الظهر جاءتهم من الأشقّاء العرب، فأضحى معظمهم يردّد مع الشاعر المتنبي:
وسوى الروم خلف ظهرك روم   /   فعلى أيّ جانبيك تميل
كانت الجمهورية العربية السورية مشرِّعة أبوابها دوماً لاستقبال العرب من أيّ دولة أتوا، خاصةً في أثناء مِحَنهم، وكان الدخول إليها متاحاً لكلّ العرب من دون تأشيرة، على الرغم من أنّ المعاملة لم تكن بالمثل في معظم الدول العربية، في ما يخصّ دخول السوريين إليها، بينما كان ذلك متاحاً للأجانب، وللغربيين تحديداً في تلك الدول!
في الواقع، ومنذ تأسيس الدولة السورية، كان التوجّه المعلَن لدى مَنْ تسلّم مقاليد الحكم فيها، هو تحقيق الوحدة العربية، وإنهاء حال التجزئة. لكنْ، في المحنة السورية، أضحى الوضع مختلفاً!
"وفقاً للقانون، يتطلّب من مواطني جميع البلدان الحصول على تأشيرة لزيارة سوريا، يجب الحصول على تأشيرات الدخول من إحدى البعثات الدبلوماسية السورية.  قبل العام 2014، لم يكن يُطلَب من المواطنين في العديد من البلدان العربية الحصول على تأشيرة دخول." .
"جريدة الوطن السورية اليومية أشارت إلى أن بعض أعضاء  مجلس الشعب السوري طالبوا بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع الأردن في ما يتعلّق بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية اتجاه السوريين الداخلين إلى أراضيها لجهة الحصول على الموافقات الأمنية من سفارتها في دمشق قبل دخولهم، بينما الأردنيون يدخلون الأراضي السورية من دون تأشيرة" .
إضافةً إلى نتائج الحرب على سوريا، مِن قتل وجرح وتشويه للمدنيين والعسكريين، ومن تدمير للمدن والقرى والبنى التحتية فيها، وإضافةً إلى مأساة المفقودين، ثمة، الآن، حصار اقتصادي خانق مفروض على سوريا، وهو محاولة لتحقيق ما عجز عنه الغرب المتوحّش وأدواته عسكرياً! يضاف إلى ذلك الحرائق المفتعلة  في الأراضي الرعوية والزراعية التي ترتكبها الخلايا الإرهابية النائمة وحلفاء الولايات المتحدة الأميركية على الأرض، إضافة إلى افتعال الحرائق في الجولان المحتل، والتي تمتد إلى الأراضي الغنية زراعياً ورعوياً في الجزء المحرَّر من الجولان، وهذا ما يقوم به الاحتلال الصهيوني، وهو ما يزيد من الحصار على الشعب السوري، ليمنعه من تحقيق الأمن الغذائي الذي تميّزت به سوريا، قبل الحرب! عدد هذه الحرائق بالآلاف! كانت تلك الحرائق التي افتعلها قسد وداعش والخلايا الإرهابية النائمة والعدو الصهيوني، حرائق متزامنة ! وقد حدث سابقاً الأمر ذاته في العراق عند احتلاله من الجيشين الأميركي والبريطاني في العام 2003، فتمّ إحراق المواسم الزراعية فيه خدمةً لشركات أميركية، تستخدم بذوراً معدَّلة جينياً، أضحت تبيعها عبر العالم، وتراكم أرباحاً طائلة! 
إنّ هدف هذه الحرائق هو خلق أزمة اقتصادية إضافية تجبر سوريا على استيراد المواد الغذائية الاستراتيجية، كالقمح، على الرغم من أنّ هذا الموسم الزراعي كان موسماً واعداً للفلاحين في كل مناطق سوريا، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.
إنّ هذا الموسم الاستراتيجي من القمح، كان من الممكن أن يكفي للعام ذاته ويشكّل مخزوناً للأعوام القادمة... كما أنّ مخزون الشعير يفيد علفاً للثروة الحيوانية لعدة سنوات, وهذه الحرائق اليوم تكمل ما فعله المسلّحون الإرهابيون من سرقة لصوامع الحبوب خلال سنوات الحرب، من أجل تهريبها إلى تركيا! كما فعلوا بالآثار السورية وبالمصانع السورية!
إنّ الاعتداءات الصهيونية على الأراضي السورية خلال هذه الحرب، والتي لا تزال مستمرّة إلى اليوم، والتي تتزامن مع اعتداءات المسلّحين الإرهابيين على المدنيين وعلى قوات الجيش العربي السوري، تؤكّد على أنّ هذه الحرب الكونية على سوريا هي لإجبارها على التخلّي عن محور المقاومة. لكنّ سوريا استطاعت ردّ هذه الاعتداءات وتقليص تأثيرها، وهي لا تزال صامدة في هذا المحور بإرادة قيادتها وجيشها وشعبها، وستبقى كذلك حتى تحرير فلسطين والجولان وكلّ الأراضي العربية المحتلّة.
هنا، يطرح السوريون، في معظمهم، أسئلة مصيرية: ما هو مصير الأمن القومي العربي؟ ومتى يتمّ تفعيله؟ ماذا فعل العرب، في معظمهم، لمواجهة هذه الهجمة الشرسة على سوريا؟! ألم توظَّف الأموال العربية والقوى البشرية العربية من أجل تخريب سوريا، وهي قلعة الصمود العربي؟ هل يتمّ حصار سوريا من الغرب فقط أم من العرب أيضاً؟ فقد شهدنا احتجاز ناقلات النفط الإيراني، المتوجّهة إلى سوريا، في قناة السويس!!
وحصار العراق سابقاً، ألم يتمّ من العرب أيضاً؟ وحصار اليمن وليبيا حالياً، أليس هو بالطريقة ذاتها؟ وحصار غزة المقاوِمة، هل يتمّ من الكيان الصهيوني فقط أم من العرب أيضاً؟!
في الشارع السوري اليوم، تقلّص إيمان السوريين بالعروبة، في غالبيتهم، إلى الحدّ الأدنى، للأسف الشديد، إذ إنهم يقولون إنّ الأموال العربية التي موَّلت تدمير سوريا، بشراً وشجراً وحجراً، تكفي لخلق تنمية في الوطن العربي بأكمله وللقضاء على الفقر والبطالة فيه. إنّ عائدات الثروات النفطية في دول النفط العربية تمّ تبديدها على مدى قرن من الزمن! وقد كان من المفترض أن يستفيد منها الشعب العربي بأكمله، على مساحة الوطن العربي الكبير. ولم يكتفِ مسؤولو هذه الدول بتبديدها، بل أخذوا يوظّفونها لتدمير دول الصمود والمقاومة بوجه الاحتلال الصهيوني. وقد أصبحوا اليوم يطبّعون معه علناً، بعد أن كان الأمر سرّياً، في الوقت الذي يقومون فيه بحصار دول عربية "شقيقة"!
وللأسف، كان أثر الجماهير العربية التي وقفت إلى جانب سوريا في محنتها محدوداً، لكنه يخطو خطوات إلى الأمام على الرغم من تأخّره، وأكبر مثال على ذلك انعقاد اللقاء الشعبي في بيروت، في 1 حزيران / يونيو 2019 من أجل كسر الحصار على سوريا. إضافة إلى بعض التحرّكات العربية هنا وهناك من أجل مطالبة بعض الأنظمة العربية بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، طوال سنوات الحرب عليها (تونس مثال واضح على ذلك)؛ ولا ننسى الزيارات التي قام بها، ولا يزال، أعضاء في المؤتمرين القومي العربي، والقومي الإسلامي، وفي أمانتيهما العامتين إلى سوريا، شهرياً خلال سنوات الحرب عليها، دعماً لقيادتها وجيشها وشعبها!
لذلك، كما سبق وذكرنا، لن نستغرب، نحن السوريين، مساندة بعض الجيوش العربية لجيش الاحتلال الصهيوني ضد محور المقاومة، فيما لو اندلعت الحرب يوماً، خاصةً تلك الجيوش التي قامت بمناورات عسكرية مع جيش الاحتلال الصهيوني، برعاية أميركية!
فلسان حال السوريين اليوم يردّد مع الشاعر السوري نزار قباني البيتين التاليين:

يا شامُ، إنّ جراحي لا ضفافَ لها   /   فمسِّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
دمشقُ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي   /  أشكو العروبة أم أشكو لكِ العربا؟!

خاتمة
بعد أن عاش العالم بأكمله، خلال عقدين من الزمن، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وحتى العقد الأول من الألفية الثالثة، تحت نير توحّش الولايات المتحدة الأميركية، قطباً واحداً متحكِّماً بمصير العالم، ساهمت المحنة السورية وصمود الجيش العربي السوري والقيادة السورية والشعب السوري في بداية تبلور عالم متعدّد الأقطاب، سوف ينهي توحّش القطب الواحد، الذي لم يقمْ سوى بافتعال الحروب العسكرية والاقتصادية، لذلك كان لا بُدّ من فرض توازن في عالم متعدّد الأقطاب. فنجد مثلاً أنّ روسيا قد استخدمت حق النقض "الفيتو"، في ما يخصّ سوريا، منذ العام 2011، وبعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات فيها، إلى الآن، اثنتي عشرة مرّة، والصين استخدمته خمس مرات في مجلس الأمن ! 
كما أن روسيا والصين تحاولان الخروج من نظام الدولار ومن سيطرة الولايات المتحدة على النظام المصرفي العالمي.
يثير الوضع العربي الراهن اليوم سلسلة من الأسئلة المصيرية: هل ما زال ثمة إمكانية لتحقيق الوحدة العربية؟ ألا يتطلّب التطلّع إليها أنْ يتعلّم مسؤولو البلاد العربية الابتعاد عن النظرة الذاتية الآنية من أجل الاهتمام بمجمل الواقع العربي من كلّ جوانبه، في عالم محاصَر بالإقصاء؟ وهل تؤدي الاختلافات بين الأنظمة العربية إلى تفجير صراعات مستمرّة بينها بديلاً عن الحوار البنّاء، بهدف تحقيق خطوة أولى على طريق التكامل الاقتصادي أولاً، في سبيل الوصول إلى الوحدة التكاملية الشاملة؟!
من الأسئلة الهامّة التي يمكن طرحها اليوم: هل ثمة إمكانية لتحقيق الوحدة العربية الكبرى الآن، أم أنها لا تزال بعيدة المنال؟
في الواقع، نحن لا نزال بعيدين عن تحقيق الوحدة العربية الشاملة، طالما أنّ الحوار لا يزال مفقوداً بين معظم الأنظمة العربية. فخلال سنوات الحرب على سوريا وعلى اليمن، نجد أنه ما من أمن قومي عربي موجود وما من تكامل في الثروات، بل هدر لها من أجل تدمير بعض الدول العربية، التي لا تزال تعتبر فلسطين بوصلتها، وتعتبر، بالتالي، أنّ عدوّها الأول هو الكيان الصهيوني الذي يسانده المتصهينون، وهم أدواته. كما أنّ التحالفات القائمة في منطقتنا هي بين دول عربية وغير عربية: تحالف قطر وتركيا / تحالف السعودية والإمارات العربية والأردن والكيان الصهيوني / تحالف سوريا والعراق والمقاومة في لبنان وفلسطين واليمن مع إيران!
لذلك، طرحنا التكامل الاستراتيجي في سوراقيا (سوريا – لبنان – العراق)؛ علماً أنّ هذا العصر هو عصر التكتلات، والأَوْلى بنا نحن العرب أن نحقّق تكتلاً عربياً واسعاً، في وحدة تكاملية: اقتصادياً وثرواتياً وبشرياً وأمنياً، وذلك لأهمية موقع الوطن العربي الجيوستراتيجي، وبهدف تحقيق كفايته في وحدته! وهذا، في حال وقوعه، سيفتح أبواب الأملِ مجدداً للجميع بحياة مزدهرة تتفتّح فيها قيم الحق والخير والجَمال، ضمن جو من الحرية والديمقراطية والرّخاء.
"والأمة العربية واقع تاريخي وواقع حي، وحضارة سالفة، ورسالة مستمرّة وقدرات اقتصادية وبشرية يطمع بها أعداء هذه الأمة وحلفاؤهم. وإذا كان حال الأمة اليوم لا يعبّر عن هذه الإمكانات العالية، فإنّ دوام الحال من المحال. فالقوميون العرب يطمحون إلى تغيير الأوضاع وتبديلها لتطابق هذه الإمكانيات العالية. فكيف يكون ذلك؟ ". 
والسؤال الأهم هو: هل الوحدة العربية لا تزال صالحة لإعطاء الأمل مجدّداً للشعب العربي في حياة أفضل من كلّ النواحي؟ نعتقد أنّ البدء بتحقيق الكونفيدرالية في بلاد الشام، خطوةً أولى على درب تحقيق الوحدة العربية الشاملة، على أساس التكامل الاقتصادي والأمني والبشري، لَهي خطوة تستحق العمل عليها بجِدّ، شعبياً ورسمياً، وهي تستطيع إحداث نقلة نوعية في حياة الناس على هذه الأرض. 
 ويمكن لما ورد في كتاب القوميّ العربيّ الأستاذ منصور الأطرش، "الإصلاح في سوريا"،  إبراز محاولة صادقة للجواب على هذا السؤال، لذلك نختار منه المقطعين التاليين:
"... قيام حركة قومية على اتساع الوطن تضع خطة وحدوية مفصّلة في الشكل والمحتوى، على ضوء المصالح المشتركة الفعلية، وأهمها التكامل الاقتصادي وأنظمة التربية الموحدة، والبرامج التعليمية، والتشريعات القضائية والمدنية، إلخ... ومن أكبر العوائق في طريق هذا المشروع الوحدوي، تفاوت الثروات في الأقطار العربية، ودورها في مستوى معيشة الفرد. وما لم تعتبر الثروات ملكاً في الوطن العربي للأمة بأسرها واستخدامها لرفع مستوى المعيشة في كل الوطن العربي وتحقيق التنمية اللازمة لتقليل الفوارق بين مستوى الثراء في الأقطار العربية، فإن السبيل سيبقى عسيراً جداً ".
"من الناحية الإيديولوجية مثلاً، أصبح من الواجب أن نتمسك بوحدة الأمة والنصّ على ذلك في الدساتير العربية. ولقد خطت دول عديدة بين مجموعة الدول العربية خطوة صحيحة بأن ثبّتت في دساتيرها النص الصريح بأن الشعب السوري مثلاً هو جزء من الأمة العربية، وكذلك فعلت مصر. فالشعب المصري هو جزء من الأمة العربية كما جاء في إحدى مواد دستورها ".

* المراجع
- الأطرش، ريم منصور، "طوشتا" سوريا من أجل تدمير اقتصادها: طوشة العام 1860 في سوريا والحرب عليها بدءاً من العام 2011.
http://www.rimalattrache.com/show_details.php?Id=81
- الأطرش، منصور سلطان، الإصلاح في سوريا ومقالات أخرى، إعداد وتحقيق د. ريم منصور الأطرش، 2014.
- "بطرس البستاني رائداً من رواد النهضة العربية"، في جريدة العروبة، حمص، العدد:  12230، [2010].
- بوش، نزار، حرق المحاصيل الزراعية في سوريا والعراق حرب جديدة.
           https://arabic.sputniknews.com/radio_orientalists_club/201906121041627829
- دايه، جان، الإمام الكواكبي: فصل الدين عن الدولة، المملكة المتحدة، دار سوراقيا، 1988.
- سامي شهاب "العتّال" الذي أوصل الصواريخ إلى غزة
https://www.alwakeelnews.com/Section_11/25174
- سياسة التأشيرات في سوريا، ويكيبيديا، https://ar.wikipedia.org/wiki
- الفيتو الروسي ومعاناة السوريين... أبرز المحطات
            https://www.alhurra.com/a/russian-veto/425181.html
- الكواكبي، عبد الرحمن، طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، PDF، القاهرة، كلمات، 2011.
- مرّاش، فرانسيس فتح الله
* "القرن التاسع عشر"، في مجلة الجنان، السنة الأولى، 1870، الجزء 18 – أيلول.
* " الجرائد"، بقلم فرانسيس مرّاش، في مجلة الجنان، المجلّد الأول، السنة الأولى، الجزء الخامس، 11 آذار 1871، ص. 157.
- مطالب سوريّة بفرض تأشيرة دخول على الأردنيين:
http://www.alanbatnews.net/article/index/208664