المؤتمر القومي العربي
ARAB NATIONAL CONFERENCE
بيان المؤتمر القومي العربي بمناسبة الذكرى الأولى لحرب إسرائيل على غزة:
حصار النظام المصري على غزة وإقامة جدار فولاذي لعزلها أدلى الناطق الرسمي للمؤتمر القومي العربي بما يلي:
لعل أحد الأسباب المهمة لحالة الضياع العربي الحالي هو غياب دور مصري عربي فاعل لم يستطع نظام عربي آخر أو مجموعة أنظمة عربية أن تحل محله. ويرجع انحسار الدور المصري عربياً إلى عاملين:
الأول، غياب عبد الناصر وتسلم الرئيس السادات السلطة، حيث بدأ معه انحسار دور مصر العربي منذ التفريط بنتائج حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، والمفاوضات مع إسرائيل، وانتهاءً باتفاقية "كامب ديفيد" وما تلاها من مقاطعة عربية لمصر.
وكان من المؤمل أن يعيد الرئيس حسني مبارك لمصر دورها العربي بعد اغتيال الرئيس السادات وتسلمه السلطة، ولكنه أبقى على "كامب ديفيد" وما تفرضه من قيود على الدور المصري. واتجهت مصر مبارك إلى محاولة إدخال أنظمة عربية أخرى في سياسات كامب ديفيد؛ وانتهى الدور المصري عربياً إلى محاولة تولي تسويق السياسية الأمريكية عربياً، والذي تمثل بموقفها من المقاومة الوطنية في لبنان وفلسطين والعراق، ومن غزو إسرائيل للبنان عام 2006، ثم الحرب على غزة ومن ثم استمرار حصارها.
أما العامل الثاني، الذي تسبب في تزايد انحسار الدور المصري، فهو التغيرات التي حصلت داخل النظام الإقليمي العربي خلال العقود الثلاثة الأخيرة بالمقارنة مع عقدي الخمسينيات والستينيات؛ ففي الخمسينيات والستينيات كان الفرق بين مقاييس القوة الرئيسية بين كل من مصر وبين الأنظمة العربية الرئيسية الأخرى مثل العراق وسوريا والسعودية والجزائر، كبيراً في الموارد والقوى البشرية والعسكرية والاقتصادية والثقافية.
ولذلك وبوجود هذه الفوارق بين مصر وغيرها من الأنظمة المشار إليها في الخمسينيات والستينيات، وبوجود قيادة عبد الناصر وتوجهات مصر العربية حينئذ، استطاعت مصر أن تؤدي دوراً قيادياً عربياً متميزاً..
ولكنه في العقود الثلاثة الأخيرة، وبسبب تقلص الفوارق في العديد من مقاييس القوة بين مصر والأنظمة العربية الرئيسة، وبسبب غياب الرغبة ناهيك عن القدرة في عهد مبارك، فقد انحسر الدور المصري عربياً وكثيراً من جهة، كما لم يعد من الممكن أن يقود أي نظام عربي آخر لوحده، مهما كانت إمكانياته، وأن يؤدي دوراً قيادياً في النظام الإقليمي العربي محل الدور المصري الذي شهدته فترة الخمسينيات والستينيات، وأنه لا بد نظرياً لأنظمة عربية رئيسة ثلاثة على الأقل أن تقوم بهذا الدور، إذا ما توافرت لديها الرغبة مجتمعة في ذلك، وهو ما حصل أحياناً ولفترات قصيرة ثم تفرقت أيدي سبأ.
وبسبب هذه المتغيرات في النظام الإقليمي العربي بالمقارنة مع الخمسينيات والستينيات من جهة، وبين العقود الثلاثة الأخيرة من جهة أخرى، وبسبب انحسار رغبة القيادة المصرية الحالية ناهيك عن تناقص قدرتها، وانكفائها عربياً إلى حد كبير، وحساسيتها مما تقوم به سوريا وقطر من وساطة عربية، ولعدم قيام بديل عربي من مجموعة من الأنظمة العربية للحلول مع مصر أو بدونها للعب دور قيادي في النظام الإقليمي العربي، فإن هذا النظام العربي يعاني من خلل شديد في توازنه وتفاعلاته وانفراد أطراف فيه في الخروج على قواعد هذا النظام والاتفاقيات العربية الملزمة لأطرافه، وتشجيع وتسهيل بعض أطرافه لاحتلال طرف آخر في هذا النظام العربي والتعامل والتعاون مع حكومة الاحتلال فيه، وما يعانيه هذا النظام العربي من شرذمة وخلافات، وانحسار الدور العربي إقليمياً ودولياً على الرغم من زيادة إمكاناته الاقتصادية التي كان من الممكن أن تساعد في تأديته دوراً مهماً على المستويين الإقليمي والدولي لو أُحسن استغلال هذه الاتفاقيات والاستفادة منها في تحقيق المطالب العربية الرئيسية ومنها القضية الفلسطينية.
ويفسر ما سبق، ما نشاهده من انحسار الدور المصري عربياً، بل ووقوفه أحياناً ضد الإجماع العربي الشعبي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والمقاومة في لبنان والعراق.
والآن لم يعد من الممكن السكوت شعبياً عن الموقف المصري مما يحدث على الساحة العربية عموماً وفي فلسطين ومن المقاومة الفلسطينية والصراعات بين الأطراف الفلسطينية الرئيسة، انتهاء بحصار غزة وتجويعها ومنع إعادة إعمارها، والشروع في بناء حائط فولاذي في الجانب المصري من الحدود مع غزة، بحجة "اعتبارات أمنية مصرية"، لمنع حفر أنفاق بين الجانب المصري وغزة، وهي حجة غير مقنعة وغير مبررة، وهو ما لم تأخذ مصر بها يوم كانت إسرائيل تحتل غزة.
كما إن إقامة مصر لمثل هذا الجدار الفولاذي مع غزة بحجة أسباب أمنية، يعطي إسرائيل حجة لتبرير إقامتها للجدار العازل بينها وبين الضفة الغربية الذي رفضته محكمة العدل الدولية.
إن السكوت الرسمي العربي عما تقوم به مصر في استمرار حصارها على غزة من خلال غلق معبر رفح، باستثناء فترات قصيرة لا تسمن ولا تغني من جوع، لا يمكن قبوله، وتتحمل هذه الأنظمة العربية الساكتة عما يقوم به النظام في مصر جزءاً من مسؤولية ما يحصل للشعب الفلسطيني في غزة. وهي مسؤولية عربية وليست مسؤولية مصرية فحسب.
ويدعو المؤتمر القوي العربي إلى قيام تحرك شعبي سريع وفاعل للضغط على النظام المصري لفتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة، وللضغط على الأنظمة العربية الأخرى ومطالبتها بالضغط لفتح معبر رفح.
كما إن على الشعب المصري، الذي كان دائماً عند مستوى تطلعات أمته العربية، أن يمارس بالوسائل الشعبية الديمقراطية كل ضغط ممكن على حكامه لإيقاف الممارسات الحالية وفك الحصار عن غزة.
بيروت 26/12/2009
|