المؤتمر القومي العربي
ARAB NATIONAL CONFERENCE
بيان صادر عن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي
في الذكرى العاشرة لغزو العراق
وفي الذكرى الثانية لعدوان "الناتو" على ليبيا
قبل عشر سنوات، وفي مثل هذه الأيام، شنّت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها حرباً كونية على العراق، لتتوّج حصاراً جائراً امتدّ سنوات، ولتستخدم ذرائع ثبت بطلانها، فتدمّر بلداً ذا حضارة عريقة، وتمزّق مجتمعاً بقي موحداً على مدى العقود، ولتحطّم بنى تحتية جرى بناؤها على مدى عقود، ولتنهب موارد وآثاراً تاريخية هي ملك الحضارة الإنسانية كلها.
وقد تسببت هذه الحرب، وهذا الأهم، بقتل أكثر من مليون عراقي، وتشريد ملايين العراقيين، داخل وطنهم وخارجه، وأطلقت زلزالاً جيوسياسياً ضخماً ما زالت تداعياته وآثاره مستمرة حتى الآن داخل العراق وعلى مستوى الأمّة كلها.
إزاء هذه الحرب "الغير قانونية والغير شرعية"، كما اعترف كوفي أنان أمين عام الأمم المتحدة، ومع انكشاف التواطؤ غير المسبوق لبعض الدول المجاورة في التمهيد لهذا الغزو، وفي احتضان قواعده العسكرية، وفي تسهيل مرور قواته، أدرك الشعب العراقي العظيم وقواه الحيّة والحرّة أن عليه أن يعتمد على نفسه في انطلاق المقاومة العراقية الباسلة بعد ساعات فقط على احتلال العاصمة بغداد في 9 نيسان/ابريل 2003، لتتحوّل بفضل مجاهديها وقادتها إلى واحدة من أعظم حركات المقاومة في المنطقة والعالم التي لم تنعكس نتائجها في هزيمة الاحتلال الأمريكي داخل العراق، بل في إرباك المشروع الإمبريالي الأمريكي على مستوى المنطقة والعالم، وفي كشف الأزمة البنيوية العميقة للنظام الأمريكي داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن هزيمة قوات الاحتلال، وإجبار معظم جنودها على الرحيل من العراق، لا يعني هزيمة مشروع الاحتلال وتصفية آثاره المدمّرة على الشعب العراقي، وهو ما يتطلب مزيداً من النضال من كلّ القوى الحيّة والحرّة في العراق من أجل منع المخططات الرامية لتقسيم العراق وتحويله إلى مسرح عمليات تفجير إجرامية لتعميق الجراح بين العراقيين، ولجعل الفتن سيّدة المشهد العراقي.
إن الردّ عل كلّ ما يحاك للعراق ووحدته وهويته وموارده ومستقبله لا يكون إلاّ بالاستجابة السريعة لمطالب الحراك الشعبي السلمي العراقي المستمر منذ أشهر، وفي إيجاد مناخ المصالحة الوطنية الشاملة البعيدة عن منطق الثأر والانتقام، والقادرة وحدها على تحصين العراق من كل أشكال التدخل الخارجي والتحريض الطائفي والمذهبي، كما في الإفراج عن المعتقلين والمعتقلات في السجون، وعوّدة المنفيين إلى بلادهم، وإلغاء قانون الاجتثاث والمادة 4 من قانون الإرهاب، وإجراء انتخابات تشريعية نزيهة وشفافة، لا يتم إقصاء أي فريق سياسي عنها، وإعادة صياغة دستور جديد للعراق يكون معبّراً عن إرادة العراقيين جميعاً وتوافقهم، دون إقصاء أو تهميش، وضبط موارد الدولة والوطن بعيداً عن فساد جاء مع الاحتلال وبقي بعده، وعن هدر شجّع المحتل عليه وما زال مهيمناً على موارد العراقيين.
إن المؤتمر القومي العربي الذي ساند الشعب العراقي على الدوام في مواجهة الحصار والعدوان والحروب الكونية التي شنّت عليه، وقاد معركة رفع الحصار عنه، وشارك قادته وأعضاؤه في مسيرات مليونية من مغرب الوطن إلى مشرقه، والذي وقف باستمرار داعماً للمقاومة العراقية الباسلة في وجه المحتل، كما في وجه محاولات تشويهها ووصمها بالإرهاب والفئوية، والذي تعرّض بعض رموزه إلى الملاحقة والحصار من كل القوى المعادية للعراق وشعبه، يجدّد اليوم دعوته لتحقيق المطالب المشروعة للحراك الشعبي العراقي منبهاً من تدخل جهات معروفة لاستغلال هذا الحراك لمصالحها ومخططاتها.
وفي ليبيا، وفي مثل هذه الأيام قبل عامين، بدأت قوات "الناتو"، وتحت ذريعة إنقاذ الشعب الليبي، قصفها لمدن ليبيا وبناها التحتية متسبّبة بقتل عشرات الآلاف من الليبيين، وساعية إلى تقاسم الموارد النفطية لهذا البلد العربي بين دول الحلف الاستعماري وشركاته، مما أدى إلى إبقاء هذا البلد العربي مهدداً بالتقسيم إلى العديد من الدويلات، بما يتناسب مع إبقاء ليبيا أسيرة الفوضى، وبما يخدم مشروع الشرق الأوسط الجديد الرامي إلى تفتيت المنطقة بما يضمن مصالح الكيان الصهيوني.
إن المؤتمر القومي العربي الذي وقف دائماً إلى جانب تطلعات الشعب العربي الليبي في الحرية والكرامة والعدالة، والذي قدّم أحد مؤسسيه وزير الخارجية الأسبق الدكتور منصور الكيخيا شهيداً في مقارعة الاستبداد والطغيان، يناشد القوى الحيّة في ليبيا إلى ضرورة التكاتف والتعاضد من أجل حماية الوحدة الليبية وحرية الشعب الليبي وصون ثروته وموارده من التبديد والهيمنة الاستعمارية، ويدعو إلى مصالحة وطنية شاملة، لا انتقام فيها ولا روح ثأرية، وذلك انسجاماً مع تقاليد أمتنا وتراثها الروحي العريق، وتعاليم رسالتها الإنسانية المتجدّدة.
التاريخ: 18/3/2013
|