www.arabnc.org
   
الصفحة الرئيسة
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
المشاركون في الدورة ا
المشاركون في الدورة ا
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول المشاركين 30
جدول المشاركين 31
الأول 1990
الثاني 1991
الثالث 1992
الرابع 1993
الخامس 1994
السادس 1996
السابع 1997
الثامن 1998
التاسع 1999
العاشر 2000
الحادي عشر 2001
الثاني عشر 2002
الدورة الطارئة 2002
الرابع عشر 2003
الخامس عشر 2004
السادس عشر 2005
السابع عشر 2006
الثامن عشر 2007
التاسع عشر 2008
العشرون 2009
الواحد والعشرون 2010
الثاني والعشرون 2011
الثالث والعشرين 2012
الرابع والعشرون 2013
الخامس والعشرون 2014
السادس والعشرون 2015
السابع والعشرون 2016
الثامن والعشرون 2017
التاسع والعشرون 2018
الثلاثون 2019
الواحد والثلاثون 2022
القائمة البريدية
بحث
تصغير الخط تكبير الخط 
نداء الوحدة 21/2/2022 ((نداء الوحدة 22-2-2022))

 

"نداء الوحدة"
 
الصادر عن المؤتمر القومي العربي
بتاريخ 21 شباط/فبراير 2022
 
الذكرى 64 لميلاد الجمهورية العربية المتحدة
* المعصراوي يطلق "نداء الوحدة" الذي أعدّه المؤتمر القومي العربي
*النداء يحدّد ضرورة الوحدة وإمكانية تحقيقها، والطريق الى تحقيقها


صدر عن الأمين العام للمؤتمر القومي العربي الأستاذ مجدي المعصراوي ما يلي:
 تمرّ الذكرى الرابعة والستين لقيام الجمهورية العربية المتحدة ما بين مصر وسورية في 22 شباط/فبراير 1958 فيستلهم الوحدويون العرب تلك الذكرى ودلالاتها الكبرى من اجل تجديد نضالهم الوحدوي الجامع من اجل اخراج أمتنا العربية، بكل اقطارها، من الواقع المرير الذي تواجهه في ظل ثلاثية "التبعية والفساد والاستبداد" التي تتحكّم بمصير مجتمعاتها وتوفّر الثغرات لأعدائها كي يتسللوا لتفجيرها من الداخل، وتمزيقها كأمة وكأقطار.
واذا كانت الظروف الموضوعية والإقليمية  الدولية لم تسمح للوحدة الرائدة في أواخر خمسينات القرن العشرين من النجاح، رغم توفر الظروف الذاتية المتمثلة بالقائد التاريخي والحركة القومية الناهضة، فإن المؤتمر القومي العربي يرى اليوم تحولات موضوعية هامّة على المستوى الإقليمي والدولي تشي بتراجع القدرات الاستعمارية والصهيونية على التحكم بمصير العالم عموماً، وأمتنا خصوصاً ، وهي الامة  التي تقود عبر مقاومتها الباسلة المنطلقة على امتداد الامة من فلسطين واكناف فلسطين، بما يتطلب توفير الظروف الذاتية الملائمة لترجمة هذه التحولات إلى إنجازات على طريق تحقيق المشروع النهضوي العربي وعناصره الست وفي مقدمها الوحدة العربية فيما لو توفرت النوايا الصادقة والارادات الصلبة والأدوات المناسبة والرؤى السليمة.
من هنا ارتأت الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي في اجتماعها المنعقد في 29/10/2021 ان تطلق في ذكرى الوحدة "نداء الوحدة" الى الامة بكافة تياراتها وقواها وجماهيرها من أجل تجديد النضال الوحدوي وبوصلته فلسطين ومقاومة أعداء الامة...
وقد كلّفت الأمانة العامة الأمين العام السابق الدكتور زياد حافظ بإعداد "النداء – البيان " التاريخي ليحيط بكل جوانب العمل الوحدوي، ضرورة وإمكانية ووسائل، ويكون مفتوحاً لأوسع نقاش من قبل كافة القوى والشخصيات العاملة من أجل وحدة الأمة.
اننا اذ نضع هذا "النداء" بين أيديكم نؤكد أن هذا النداء هو وثيقة إضافية من وثائق العمل الوحدوي العربي وتكملة للمشروع النهضوي العربي الذي يقوم المؤتمر القومي العربي على أساس أهدافه ويختار أعضاءه من بين المؤمنين به، بغضّ النظر عن مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية وجذورهم التنظيمية.
            وفيما يلي نص البيان:
"نداء الوحدة"
الصادر عن المؤتمر القومي العربي
اعداد د. زياد حافظ
 
الوحدة العربية ليست حلماً بل ضرورة وجودية كعرب أصحاب رسالة للبشرية. وهذه الرسالة هي رسالة السلام والحضارة والمعرفة التي انتجها العرب ونقلوها للعالم.  لكن بفعل الضعف الناتج عن التجزئة تخلّى العرب عن تلك الرسالة.  وامتنا مرّت وتمرّ بتحدّيات متتالية تستهدف المزيد من التجزئة والتمزيق ليس فقط لنهب الثروات بل لتدمير الهوية العربية الجامعة والرسالة للبشرية التي حملناها في الماضي والتي نسعى إلى إعادة حملها في المستقبل.  وهذه الرسالة مبنية على ثقافة العلم والتوازن وفقا لموروثنا التاريخي في الدين والسياسة والثقافة والأخلاق.
الانتماء لأمة واحدة تجلّى في الماضي والحاضر في شتى الميادين في التعبير عن وحدة المصير سواء على سبيل المثال وليس الحصر في نصرة قضية فلسطين، او في قضايا إنسانية كالهبة الشعبية العربية في قضية الطفل المغربي ريّان. بمعنى آخر الانتماء الوحدوي موجود لأنه موروث ثقافي تاريخي لأبناء هذه الأمة ولكن ما ينقصه لاكتمال ذلك الشعور هو إقامة دولة الوحدة.
القراءة السريعة للمشهد العربي الراهن تخلص إلى نتيجتين: النتيجة الأولى هي أن حال التجزئة والتمزّق هي سبب الضعف البنيوي والتخلف في السياسة والاقتصاد، وخاصة في استقلالهما الوطني كما في الثقافة، بينما النتيجة الثانية هي أن شباب هذه الأمة مع من تبقّى من كهولها وشيوخها المؤمنين والمؤتمنين على نهضة الأمة يعتبرون أن المشروع النهضوي العربي بأبعاده الستة هو الرد المتكامل على الواقع الراهن ويشكّل الأرضية لمقاومة الاحتلال الأجنبي والصهيوني للعقل العربي أولا والأرض العربية ثانيا.  فمقاومة احتلال الأرض أسهل بكثير من مقاومة احتلال العقل وسلب الإرادة كما تظهرها الوقائع الميدانية.  غير أن المقاومة حقّقت إنجازات كبيرة في تحرير أجزاء واسعة من الأرض المحتلة في لبنان وفلسطين وسورية والعراق، وقبل ذلك الجزائر ومصر لكن ما زال الاستعمار الغربي للعقل العربي معطّلا (بكسر حرف "ط") في الحد الأقصى أو محيّدا له في الحد الأدنى لتثبيت استقلال الإرادة.  في نداءنا اليوم نقول بوضوح أن مشروعنا النهضوي العربي وفي طليعته الوحدة العربية وتحرير فلسطين هو الرد على كافة سلبيات المشهد الراهن.   لذلك سنجيب على ثلاث أسئلة واضحة وهي أولا لماذا الوحدة وما هو مضمونها، وثانيا هل الوحدة ممكنة، وثالثا كيف نحقّقها؟
السؤال الأول: لماذا الوحدة؟
أ-ضرورة الوحدة
بعد الحرب العالمية الأولى كانت معظم الأقطار العربية تحت الاحتلال الأوروبي المباشر وغير المباشر الذي عمل على خلق كيانات سياسية مبنيّة على هويات فرعية للفظ الهوية العربية الجامعة.  الدولة القطرية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية والمستمرة حتى الساعة أخفقت في تحقيق الاستقلال من التبعية الخارجية كما أخفقت في تحقيق الأمن والتنمية والرفاهية والعدالة الاجتماعية أضافة إلى إخفاق كارثي في انجاز تجدّد حضاري يعيد العرب الى مكانتهم السابقة.  ومع كل ذلك كان المستعمر القديم والجديد يسعى وينجح في تحقيق المزيد من التجزئة والتبعية ودعم النخب المستبدة والفاسدة ومغذّيا للصراعات الفئوية التي حجبت الهوية الجامعة.  ومن الصعب جدا عرض أي انجاز للدولة القطرية في تحقيق ما يطلبه المواطن العربي.  بل الدولة القطرية غارقة في حروب عبثية إما بينها وإما في داخلها وتخدم بالتالي الكيان الصهيوني المحتل ومصالح المستعمر القديم والجديد.
محاولات النهوض في عدد من الأقطار، وفي مقدمتها مصر والعراق وسورية والجزائر واجهها تحالف الاستعمار القديم والجديد مع الصهيونية والرجعية العربية.  والأخيرة تتباهى بأنها نجحت في القضاء على حركة التحرّر العربي ما يؤكّد أن النهوض العربي لم ولن يكن مسموحا من قبل ذلك التحالف.  فالدولة القطرية اوجدت من قبل المستعمر لتكون تابعة للمركز الغربي وليست لتكون مستقلة في قرارها السياسي والاقتصادي والثقافي كما أنها زرعت الكيان الصهيوني لمنع وحدة العرب جغرافيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا.
من ناحية أخرى فإن النخب الحاكمة في الأقطار العربية تعي أن شرعيتها مهتزّة وتعتقد أن بقاءها في الحكم هو رهن الامتثال إلى إملاءات الاستعمار القديم والجديد فأصبحت أداة قمع للحركة التحرّرية العربية بشكل عام ولمنع نصرة فلسطين بشكل خاص.  فمعيار الوطنية كان وما زال الموقف من فلسطين وواجب تحريرها من البحر إلى النهر.  وهذه الحقيقة يدركها الأحرار العرب الذين يعون أن لا حرية ولا استقلال ولا تنمية ولا عدالة اجتماعية ولا نهضة والكيان الصهيوني المحتل مزروع في جسد الأمة.  الأميركيون واضحون ويسعون إلى جعل الكيان الصهيوني أقوى عسكريا وسياسيا واقتصاديا من كل الدول العربية مجتمعة، فما بال تمكين دولة واحدة في مشروع استقلالي تنموي؟!  لذلك ضُربت كافة المحاولات لقيام دولة قطرية مستقلة صاحبة سيادة على قرارها السياسي والاقتصادي والثقافي.
إذن، التجزئة التي أوجدها المستعمر الأوروبي ودعمها من بعده الأميركي هي سبب البلاء للأمة العربية.  والمستعمر لم يوفر أي وسيلة لزرع وتجذير الفتن الداخلية لمنع الوحدة ليس بين الأقطار ولكن داخل كل قطر وذلك بمساعدة النخب الحاكمة أيّا كان نوعها، ليبرالية، يسارية، قومية، أو إسلامية. هذه الحقيقة موجودة في وعي الكثيرين ونشير هنا إلى الدراسة الاستشرافية التي أعدّها مركز دراسات الوحدة العربية في أواخر الثمانينات أن لا مستقبل للأمة العربية في حال التجزئة فلا بد من إقامة دولة الوحدة.  اما شكل هذه الدولة فهو أمر يبحث لاحقا.
الدولة القطرية ما زالت تبحث عن شرعية وجودها ككيان مستقل.  لكن بعد أكثر من سبعة عقود ما زالت عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من احتياجات المواطن العربي في الأمن والرفاهية.  بل الوضع ازداد سوءا حيث الهويات الفرعية داخل كل قطر أصبحت حجة لحركات انفصالية تحت ذريعة حق تقرير المصير والحفاظ على الخصوصية، وكل ذلك بتشجيع غربي وصهيوني وللأسف من قبل بعض الدول العربية التابعة للتحالف الأميركي الصهيوني.  وثقافة التجزئة أنتجت ثقافة الاقصاء والتعصّب والتوحّش والغلو. الم يحن عندئذ التفكير بطريقة أخرى في إعادة البنية السياسية والاقتصادية والثقافية العربية عبر نشر ثقافة الوحدة؟
ففي التجزئة ضعف بنيوي ومزمن بينما في الوحدة قوّة.  وفي الضعف تخلّف وفقر بينما في القوة تقدم ونمو.  وفي التخلف موت بينما في التقدم حياة.  وأخيرا في الموت فناء بينما في الحياة استمرار وتجدّد.
ب-ما هو مضمون الوحدة؟
لا نقصد بهذا السؤال الشكل الدستوري أو السياسي لدولة الوحدة بل لمضمونها.  وهذا المضمون يعني إمكانية التنقّل بين كل قطر بدون تأشيرة والعمل في أي قطر بدون أي اذن والاستثمار في أي قطر بدون أي عائق.  وحرية التنقل البشري تتلازم مع حرية تنقل رأس المال ولا يمكن تفضيل الرأس المال على العمل.  ودولة الوحدة تعني وحدة التشريع ووحدة الحقوق والموجبات لجميع المواطنين. دولة الوحدة توحد القضاء ومصادر التشريع.  ودولة الوحدة لها سياسة خارجية واحدة وجيش واحد. ودولة الوحدة لها عملة واحدة واقتصاد موحّد ومتكامل وسياسات نقدية ومالية متجانسة.  دولة الوحدة تعني أيضا دولة وحدة البرامج التربوية مع أخذ بعين الاعتبار الخصوصيات القطرية.
فدولة الوحدة لا تلغي الخصوصيات في كل قطر بل تعتبرها مصدر تنوّع والتنوّع مصدر غنى.  دولة الوحدة لا تذوّب القطر بل تحميه من أطماع الخارج وفتن الداخل وتخفّف من أعباء الحماية المنفردة.  فالحماية الجماعية أفعل وأقل كلفة نسبيا من الانفاق المنفرد على الدفاع والأمن.  دولة الوحدة حريصة على الأمن القومي بينما الدولة القطرية لا تعطي الأهمية نفسها له.  والأمن القومي ليس محصورا بحماية الحدود الخارجية بل يتواجد في العديد من القطاعات كالاقتصاد والمياه والطاقة والبيئة وشبكة المواصلات والتواصل وأخيرا وليس آخرا الثقافة العربية المشتركة.  الدولة القطرية لا تستطيع تأمين كل ذلك لأنه فوق طاقتها بينما دولة الوحدة امكانياتها تؤهلها للقيام بالواجب.  فعلى سبيل المثال قضية سد النهضة ليست قضية محصورة بمصر والسودان بل تؤثر على كافة مكوّنات وادي النيل والقرن الافريقي.  والمعالجة الثنائية تصطدم بواقع التجزئة الذي يقلل من هيبة المجموعة ككل بينما المقاربة لدولة الوحدة تجعل لكل طرف خارج البوطقة العربية يحسب ألف حساب.
دولة الوحدة هي دولة الإنتاج للسلع والخدمات ولإنتاج المعرفة بينما الدولة القطرية بسبب تكوينها التاريخي ريعية وغير منتجة بل مستهلكة عبر الاستيراد وتابعة سياسيا للقرار الخارجي. دولة الوحدة هي دولة الاستقلال الوطني في السياسة والاقتصاد والثقافة كما هي دولة التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.  دولة الوحدة هي دولة المشاركة لكافة مكوّنات المجتمعات العربية وليست دولة الاقصاء والتمييز بين المواطنين. ودولة الوحدة هي دولة التجدّد الحضاري الذي يعيد العرب إلى مكانتهم في العالم عبر إنتاج ونقل المعرفة والعلم.
وإذا أردنا أن نتخيّل تلك الدولة فهي دولة ممتدة من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي ومساحتها توازي 13،5 مليون كيلومتر مربع أي في المرتبة الثانية بعد الاتحاد الروسي الذي مساحته تبلغ أكثر من 17 مليون كيلومتر مربع. وأمنها القومي يطل على محيطين وعلى خمسة أبحار: البحر المتوسط، البحر الأحمر، الخليج العربي، بحر قزوين، والبحر الأسود.  بمعنى آخر أن البعد الجيوسياسي لتلك الدولة أهم من أي بعد لأي دولة.  فالدولة الموجودة بثقل في قارتين أساسيتين تجعلها دولة عظمى على الصعيد الجغرافي والأمن الجيوسياسي.
ثانيا، إضافة إلى البعد الجغرافي هناك البعد السكاني.  اليوم عدد العرب قد يتجاوز 436 مليون وقد يصل في 2050 إلى أكثر من 653 مليون وفي نهاية القرن إلى أكثر من مليار.  اليوم هذه الكتلة البشرية هي الثالثة في العالم بعد الصين والهند.  تتقدم مصر ب 102 مليون تليها الجزائر ب 43 مليون ثم العراق ب 40 مليون والمغرب ب 35 مليون تليها بلاد الحرمين ب 34 مليون (إذا صحّت التقديرات الإحصائية) وثم سورية ب 27 مليون.  وسكان الوطن العربي يتوزّعون بنسبة 78 بالمائة في إفريقيا و22 بالمائة في آسيا.
نسبة نمو السكان في الوطن العربي تفوق 2،1 بالمائة سنويا ما يجعل ذلك النمو أعلى من النمو السكاني في الولايات المتحدة الذي لا يتجاوز 0،9 بالمائة و0،5 بالمائة للصين.  فالدولتان العملاقتان اقتصاديا وسياسيا تشيخان بينما دولة الوحدة المرتقبة شابة حيث أكثر من 29 بالمائة هم من السكان دون سن 14 وذلك في سنة 2020، وهي أعلى نسبة من المتوسط العالمي الذي بلغ 25 بالمائة.
أما على الصعيد الإنتاج فإن الناتج الداخلي الإجمالي الاسمي لجميع الدول العربية هو 2،5 تريليون دولار ويأتي في المرتبة الثامنة عالميا.  لكن الناتج الداخلي الإجمالي للدول العربية على قاعدة القوة الشرائية فهو 6 تريليون دولار ويأتي في المرتبة الرابعة عالميا بعد الصين (24 تريليون) والولايات المتحدة (20،8 تريليون) والهند (8،9 تريليون).  ونعتقد أنه يمكن زيادة أضعاف الناتج الداخلي العربي في حال إقامة دولة الوحدة على الأقل في تنمية التجارة البينية بين الدول العربية ناهيك عن فتح الأسواق العربية للمنتجات العربية وإيجاد وفورات الحجم للتصنيع.  فليس هناك من سقف للنمو والتنمية في المدى المنظور في دولة الوحدة.  أما في حال استمرار الحال على قاعدة الدولة القطرية فالأفق الاقتصادي محدود والسقف منخفض والامكانيات مهدورة أو غير مستعملة بالكفاية المطلوبة.
هذا ولم نتكلّم عن الثروات المعدنية والنفطية والغازية التي لم تخضع للتطوير والتنمية.  فعلى ما يبدو فمعظم الأقطار العربية كي لا نقول جميعها تملك من تلك الثروات ما يكفي لمتطلّبات النمو والتنمية المستدامة وعلى قاعدة توزيع عادل للدخل وبناء طبقة وسطى تكفل الاستقرار في الوطن العربي.  كما ان تلك الثروة التي لم تستغل حتى الساعة بشكل مدروس وآفاق طويلة المدى يمكنها ان تؤمن الرفاهية لجميع المواطنين ومساعدة الدول التي تحتاج تلك المساعدة.  كما أن الثروات الموجودة يمكن استثمارها في البحوث العلمية لتكوين معرفة كما سبقنا أسلافنا ونقلوها للعالم.
على الصعيد العسكري يبلغ عدد القوات المسلحة الإجمالي لجميع الدول العربية أكثر من 2،2 مليون عنصر ما يجعل ذلك المجموع في المرتبة الأولى في العالم قبل روسيا والولايات المتحدة والصين!  طبعا هناك تفاوت في التسليح والنوعيات القيادية كما برهنت الحروب الأخيرة حيث الطائرات والدبابات الحديثة ليست كافية لربح حرب ضد من يملك إرادة وقدرة على تحمّل كلفة الدم.  لكن ما نريد أن نؤكّده أن بعض مكوّنات الجيوش المسلحة والقوى المسلحة الشعبية كانت كافية لهزم الجيش الذي لا يقهر وتصمد أمام تحالف كوني عدواني على سورية وتحالف إقليمي ودولي عدواني على اليمن. أي بمعنى آخر فإن دولة الوحدة ستكون قادرة على ردع أي عدوان عليها من أي جهة كانت وتستطيع أن تحرّر كافة الأراضي العربية المحتلة.
ج-من هو العربي؟
أسئلة كثيرة طُرحت في الماضي وما زالت حول من يشكّل الأمة.  والسؤال يحمل في طيّاته أسئلة حول العروبة وطبيعتها ومن هو عربي.  كما أن هناك من حاول في الغرب وفي الوطن العربي وضع العروبة في وجه الإسلام كتناقض جوهري غير قابل للحل.  في رأينا، نرى أن التشكيك في العروبة والعلاقة بالإسلام هو من صنع من لا يريد لا العروبة ولا الإسلام.  فالعروبة هوية والإسلام روحها.  من هو مسلم فعليه أن يتقن العربية والاّ لما استطاع قراءة القرآن ولما فهم الإسلام على حقيقته، وعبر اتقان العربية يكتشف العروبة.  ففي الأمة عرب مسلمون وغير مسلمين وفي دار الاسلام عرب وغير عرب.  نقول بشكل واضح أن العروبة مدخل لفهم الإسلام وأن الإسلام مدخل لاكتشاف العروبة ورفع العروبة إلى رسالة إنسانية أنتجت المعرفة ونقلتها للعالم اجمع.  فمن هو غير عربي وأتقن اللغة العربية اكتشف الإسلام ومن خلال ذلك العروبة وكذلك الأمر لمن هو عربي وغير مسلم فاكتشف عبر عروبته الإسلام.  لذلك في الدولة الوحدة وعند الوحدويين التكامل بين العروبة والإسلام من المسلمات التي لا يمكن إنكارها، فلا وحدة في الوطن العربي إلاّ في ذلك التكامل.
إذا كانت العروبة هوية فمن هو العربي؟  الإجابة جاءت في "لسان العرب" لابن منظور في القرن الثالث عشر الميلادي.  العربي هو عكس الاعجمي والاعجمي هو من لا يعرف نسبه فالعربي هو إذن من يعرف نسبه أي يعلم التاريخ.  والإعرابي هو من يعرف نسبه جزئيا فقط وليس بشكل كامل أي ناقص المعرفة.  ومن مشتقات كلمة "عرب" كلمة "إعراب" أي تفكيك ثم تركيب وكلمة "تعريب" التي تعني تنظيم.  إذن العربي هو من يعلم نسبه، أي التاريخ، ويستطيع أن يفكّك ويركّب أي قادر على التحليل، والذي يستطيع أن ينظم.  بمعنى آخر العربي هو من "يعلم". لذلك أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم في لسان عربي مبين لعل يعقله من ينطق بذلك اللسان.  العرقية لا مكان لها هنا فالعرق الأساسي هو السامية بين سكان جزيرة العرب فهم سكان من كان من أصحاب المعرفة. أما علاقات الدم التي كانت تربط القبائل بعضها ببعض إيجابا أو سلبا فالعروبة ليست معنية إلاّ عبر اللسان الذي يعبر وينقل التاريخ عبر الشعر، وفيما بعد عبر القران، وفيما بعد في العلوم.
النقطة الثانية هو أن الأقوام العرقية المتواجدة في الوطن العربي منذ قرون عدة منهم من كان قبل ظهور الإسلام ومنهم من دخل الإسلام ومنهم من تساكن مع الإسلام في الوطن العربي الواسع فأصبح ينطق باللغة العربية واستبطن الثقافة العربية الإسلامية.  وهنا تكمن العلامة الفارقة فالعروبة هوية وللهوية مكوّنات وروافد تراكمت مع التاريخ.  فعلاقات الدم في المراحل الأولى في التاريخ تلتها مراحل الثقافات والحضارات التي دخلت الإسلام وتأثرت بالعروبة كما تأثرت العروبة بها. 
بناء على ذلك فإن مفهومنا للقومية العربية يختلف عن المفاهيم التقليدية المروّجة في الغرب والأماكن المعادية للعرب والإسلام وهو أنها ليست مبنية على رؤية عرقية ينعتونها ب "الشوفينية" بل هي هوية جامعة تتجاوز الهويات الفرعية الموجودة في الوطن العربي وتحتضنها ولا تلغيها.  كما أن القومية العربية هي التعبير السياسي للحفاظ على تلك الهوية وتطوّرت مع الزمن إلى حركة تحرّر وتحرير من المستعمر الأوروبي والصهيوني إلى حركة تطوير المجتمعات العربية.  فالقومي العربي كما يعرّفه المؤتمر القومي العربي هو من ينطق باللغة العربية ويتبنّى المشروع النهضوي العربي بمختلف أبعاده.
د-ما هو مضمون الدولة القطرية؟
هنا أيضا لا نقصد شكل النظام السياسي القائم في كل قطر بل ما أنجزته الدولة القطرية على صعيد الاستقلال الوطني في القرار السياسي والاقتصادي، وعلى صعيد الأمن الوطني سواء في حماية الحدود أو في توفير الأمن الداخلي على كافة الأصعدة، وعلى صعيد العدالة الاجتماعية بين مكوّنات القطر، وعلى صعيد التنمية، وعلى صعيد التضامن العربي في وجه الاحتلالات القديمة والجديدة.  كما لا بد من التكلم عنما انتجته الدولة القطرية على صعيد البحوث والعلوم ومكانتها في العالم.
إن التقارير الدورية عن حال الأمة سواء التي كان يعدّها مركز دراسات الوحدة العربية أو الأوراق السياسية التي كانت تقدم للمؤتمر القومي العربي شرحت بشكل مفصّل الحالة البائسة العربية على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي ما يؤكد مقولتنا إن الدولة القطرية أخفقت في تبرير وجودها وصحة جدواها.  فالخطاب السياسي للنخب الحاكمة يهدف أولا وأخيرا إلى تأمين بقاء تلك النخب في الحكم وليس لتنفيذ مشاريع تخدم المواطن العربي.  فالاستقلال أصبح قيمة نسبية حيث شرعية الحكم تصبح مستمدة من دعم الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص.  وبما أن بوابة ذلك الدعم هي التطبيع مع الكيان الصهيوني، فتصبح السيادة الوطنية منقوصة لأن التطبيع يفرض تنازلات عن حقوق سيادية كحجم القوّات المسلحة وتسليحها وتموضعها في جغرافيا الوطن. ناهيك عن الاعتراف باغتصاب الصهاينة لأرض عربية هي فلسطين والجولان ومزارع شبعا وكفرشوبا،  كما تفرض "التعاون الأمني" حيث تصبح السلطة الحاكمة أداة قمعية لكل حركة مناهضة للصهيونية وداعمة للتحرّر العربي والوحدة العربية.  كما أن "فوائد التطبيع" الاقتصادية أحادية الاتجاه، أي لصالح الكيان وليس لصالح الدول المتطبعّة كما أوضحته الأوراق المقدمة  للعديد من مؤتمرات مناهضة التطبيع ومنها لملتقى مناهضة التطبيع الذي عقد في مطلع 2021 (شباط، /اذار).
الدولة القطرية تحاول تثبيت شرعيتها المنقوصة على حساب الدول الشقيقة عبر افتعال فتن وحروب عبثية للسيطرة والهيمنة.  فلا تعاون اقتصادي حتى بين الدول التي تنتمي إلى التجمعات الإقليمية.  فالصراع بين المغرب والجزائر دليل على ذلك، والصراع بين بين دول مجلس التعاون الخليجي دليل آخر، والصراع السابق بين سورية والعراق دليل ثالث، وحصار غزّة وعدم نصرة فلسطين من قبل الدول القطرية دليل قاطع على الخوف من الغرب الداعم للكيان الصهيوني المحتل والذي يهدّد بقاء نخبها في السلطة، وأخيرا الحصار الاقتصادي المفروض على كل من لبنان وسورية واليمن من قبل دول خليجية يؤكّد ما نقوله.
الدولة القطرية، وخاصة تلك الغنية بالموارد الطبيعية استثمرت قدراتها في الحجر ولم تستثمرها في البشر.  فالأقطار العربية في المرتبة الدنيا في البحوث العلمية من حيث الانفاق على تلك البحوث ومن حيث براءات الاختراع التي تعكس الابداع.  ومتوسط ذلك الانفاق للدول العربية هو 0،51 بالمائة من الناتج الداخلي وفقا لمعهد اليونسكو الاحصائي.  بالمقابل ينفق العدو الصهيوني المحتل ما يوازي 4،9 بالمائة على البحوث وفنلندا ما يوازي 7 بالمائة من ناتجها الداخلي.  واعلى مستوى انفاقي على البحوث العلمية في الدول النفطية الثرية هو في دولة الامارات العربية حيث بلغت 1،28 بالمائة فقط بينما بلاد الحرمين لم تنفق إلا ّ0،82 بالمائة والجزائر لم تتجاوز 0،54 بالمائة.  فالعقلية الريعية قتلت المجهود واكتفت بشراء المعرفة وكأن المعرفة سلعة تشترى وتباع بينما في أساسها تنبع من عقل ومجهود الانسان.
الدولة القطرية العربية دولة ريعية بامتياز كما أظهرته عدّة أبحاث. فثقافة المجهود لإنتاج الثروة مفقودة بينما ثقافة توزيع الثروة وفقا لتراتبية الولاءات متطوّرة جدا، وهذه ميزة الدولة الريعية. والدول التي حاولت بلورة ثقافة إنتاجية لتحصين استقلالها السياسي والاقتصادي ضّربت من قبل الغرب وبواسطة دول عربية أخرى تابعة للقرار الغربي الأميركي والصهيوني. فالمطلوب دوليا من الدول العربية ان تبقى دولا ريعية لا تنتج بل تستهلك فقط وتكون دائما مكشوفة تجاه الخارج لتمكين السيطرة على قراراتها وقدراتها.  الدولة القطرية الريعية دولة ناقصة السيادة وغير قابلة للتطوّر وداعمة للفئويات الموجودة وبالتالي مروّجة لثقافة الاقصاء فتبقى فاقدة للوحدة الوطنية في مواجهة التحدّيات الخارجية والداخلية. مصيرها لن يختلف عن الدولة الاسبانية التي اعتمدت على غزو دول اميركا اللاتينية لنهب ذهبها فزالت إمبراطورتيها عن الوجود ودخلت مرحلة الأفول المزمن.  الدولة القطرية لن تقوم إلاّ بالاقتصاد الريعي وأن الشذوذ عن ذلك التوجّه يواجه بالحروب والفتن والقتل.
2-السؤال الثاني: هل الوحدة ممكنة؟
إذا كان الاستعمار القديم مسؤولا مباشرا عن التجزئة القسرية للأقطار العربية في المشرق العربي كما في المغرب الكبير فإن النخب الحاكمة التي افرزها المستعمر عملت وما زالت تعمل على تكريس التجزئة خدمة لمصالحها وليس لخدمة شعوبها.  فميزان القوة الذي فرض التجزئة والذي عمل ونجح على ضرب كافة محاولات النهوض داخل القطر فإن ذلك الميزان تغيّر لصالح وحدة الشعوب العربية ومؤسساتها النضالية التي نجحت في كسر الهيمنة الاستعمارية عبر اعتناقها المصلحة القومية العربية على حساب المصالح الضيّقة للنخب الحاكمة.  فقضية فلسطين قضية جامعة لكافة مكوّنات الوطن العربي وهي التي كانت حافزا لتحرير الأراضي المحتلة من قبل العدو الصهيوني.  ومناهضة التطبيع داخل الدول العربية تفوّقت على الاجندات المحلية في محاكاة النخب الحاكمة الفاقدة لأي حجة تبرّر التطبيع المعادي للموروث التاريخي والإيماني والثقافي والسياسي لجماهير الوطن العربي.
بالمقابل لا بد من تسجيل عامل مساعد في إنجازات المقاومة العربية وهو عامل التراجع الغربي البنيوي والأزمة الوجودية التي تنذر بزوال الكيان الصهيوني المحتل.  ليس هدف هذا النداء تفصيل عناصر تراجع وأفول الغرب ولا تعداد الإخفاقات التي مُني بها ذلك الغرب وخاصة الولايات المتحدة بل فقط لتسجيل أن التحالف الغربي القديم الجديد مع الصهيونية والرجعية العربية في حال تراجع استراتيجي.  فالظروف الموضوعية لإقامة دولة الوحدة أصبحت أكثر حضورا مما كانت عليه في السابق وحتى في ذروة المد القومي الذي تجسّد في الوحدة التاريخية بين مصر وسورية.  ولكن موازين القوّة آنذاك دوليا وإقليميا كانت لصالح الانفصال.  لا ننسى أن الرجعية العربية وإيران الشاه وتركيا والكيان الصهيوني كانوا متحالفين مع الغرب لإسقاط الوحدة فاستفادت من أخطاء في نظام الوحدة لدعم الحركة الانفصالية. وفي رأينا، فإن الانفصال هو النكبة الثانية في التاريخ العربي المعاصر وأحد أهم أسباب  نكسة حزيران 1967.  فهذه الثغرات كانت مفتاحا للتدخلات الخارجية لمنع أي منحى وحدوي بين الأقطار العربية بل اعتمدت على الخلل الداخلي في كل قطر لتغذية الفتن وتعزيز التجزئة فكان الضعف فالتبعية وفقدان الاستقلال وفقدان التنمية ومنع العدالة الاجتماعية وبطبيعة الحال إلغاء إمكانية التجدد الحضاري وحمل الرسالة العربية للعالم أجمع.
ولا بد من تسجيل دور لعامل خارجي آخر ساهم في تراجع وأفول التحالف الغربي والصهيوني مع الرجعية العربية هو صعود المحور الاوراسي الذي يقوده كل من الصين وروسيا والذي تلتف حوله دول آسيوية أخرى كالهند ودول آسيا الوسطى في منظومة شانغهاي التي ترفض الهيمنة الأميركية.  كما أن حول هذا المحور الآسيوي تلتحق به دول من اميركا اللاتينية ككوبا وفنزويلا ونيكارغوا وبوليفيا وقد تلتحق أيضا كل من المكسيك والبارغواي والأرجنتين والاكوادور والبرازيل ما يعطي بعدا كونيا للمحور الرافض للهيمنة الأميركية ويعطي روحا جديدة لمنظومة عدم الانحياز الرافضة للهيمنة الأميركية.  وهناك حركة مماثلة على صعيد القارة الإفريقية حيث إفريقيا الجنوبية عضو في منظومة البريكس التي شكّلت أول محاولة لربط القارة الاسيوية بالإفريقية وبجنوب أميركا.
العنصر الداخلي الذي نرتكز عليه لدفع مسار الوحدة هو وحدة أبناء الأمة العربية الذين بفطرتهم وجدوا ان الجامع المشترك بينها الذي يتجاوز كل الاختلافات هو قضية فلسطين.  والهبّة الشعبية الواسعة لنصرة فلسطين تؤكّد أن طريق الوحدة وتحرير فلسطين طريق واحد.  لن ندخل في الجدلية العقيمة التي تصل إلى العبثية حول أولوية فلسطين أو الوحدة بل نؤكد أن الاثنتين متلازمتان وشرط ضرورة وكفاية لكل واحدة منها. 
لكن الأهم من كل ذلك هو أن حاجز الخوف في مواجهة النخب الحاكمة قد انكسر كما انكسرت هيبة الجيش الصهيوني الذي زعم انه لا يقهر.  فالانتفاضات الشعبية التي عصفت بالعديد من الأقطار العربية أدخلت بعضها قضية فلسطين في حراكها وبعضها تناساها.  فتلك الانتفاضات التي تناست فلسطين فشلت بينما الأخرى التي ضمّتها لم تفشل وإن لم تحقق كل أهدافها كما في مصر وتونس والجزائر.    ما نريد أن نقوله هو أن الحراك الشعبي الداخلي الخالي من البعد القومي لن يكتب له النجاح لأن موازين القوة ما زالت لصالح النخب الحاكمة.  لكن عندما يدخل البعد القومي في الحراك الشعبي يتغيّر ميزان القوّة لصالح الحراك ولصالح المسار القومي.  ففلسطين توحد الأمة وتوحد المجتمعات العربية بينما القضايا الداخلية الأخرى لا تحظى بنفس القدرة على تحقيق الأجماع وإن كانت محقّة.
بناء على هذه التحوّلات الدولية والإقليمية والعربية يمكننا أن نقول إن الوحدة ممكنة رغم الصعوبات الحتمية التي ستواجه الوحدويين.
 
السؤال الثالث: كيف نحقّق الوحدة؟
الدور الاستراتيجي هو في وحدة الجماهير في مواجهة التحدّيات.  فهي تفرز النخب التي تستطيع قيادتها عبر مراحل.  لا ننسى أن الاتحاد الأوروبي بُني على مراحل امتدت على أكثر من أربعة عقود وذلك بين دول غير متجانسة بالسياسية والثقافة واللغة وتاريخ طويل من الحروب والعداوات الثنائية أو المحورية وعبر القرون.  فكل هذه المعوقات غير موجودة في الوطن العربي حيث اللغة والموروث التاريخي  الثقافي والسياسي المشترك يجعل فكرة قيام الوحدة فكرة منطقية وقابلة للتنفيذ.
لسنا في هذا النداء معنيين في تحديد مراحل زمنية لإقامة دولة الوحدة ولسنا معنيين في تحديد الملامح الدستورية لها.  فالمروحة واسعة من الصيغ الوحدوية التي يمكن اتباعها ونتركها للتشاور مع مختلف مكوّنات هذه الأمة.  فهذه الوحدة هي أولا وحدة شعبية قبل أن تتحوّل إلى وحدة سياسية دستورية.
أ-استراتيجية اقتصادية
الاستراتيجية المقترحة هي عبر بناء الوحدة الاقتصادية تليها فيما بعد وحدة سياسية.  لكن هناك شكوك عند العديد من الاقتصاديين الذين لا يعتبرون أن السوق الأوسع أو الاقتصاد القومي الأكبر حجما أفضل للقطر الواحد من الاقتصاد القطري بمفرده.  ذلك أن الواقع الحالي للاقتصادات العربية قد يؤدي إلى تدمير الاقتصاد القومي إذا ما تمّت الوحدة اليوم دون تغيير في البنى السياسية والاقتصادية.  يمكن الموافقة على الطرح المنطقي لتلك الإشكالية إلاّ أن تحفظّنا على تلك الأطروحة يعود إلى ماهية الوحدة.  فتحقيق الوحدة أو حتى السعي لها يحمل في طيّاته ديناميكية جديدة تفرض مراجعة البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية.  فالواقع الفئوي والاقتصاد الريعي والفساد المتفشّي في جميع أقطار الأمة يتنافى مع التكامل أو حتى الشروع بمشاريع مشتركة فكيف بالوحدة؟  لذلك سلوك درب الوحدة يعني أيضا تغييرا جذريا في البنى والسياسات الاقتصادية والأخلاقية.  أي بمعنى آخر إن الوحدة هي بحد ذاتها ثورة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وحتى أخلاقية. 
لكن وللإنصاف، هناك نمط من التعاون قد حصل بالفعل ويحصل بشكل متزايد وهو في حركة رؤوس الأموال العربية التي أصبحت تنتقل بسهولة أكبر بين الأقطار العربية بينما تستمر القيود على حركة العمالة العربية بين الأقطار.  فالانفتاح على الاستثمار في معظم الدول أدىّ إلى تزايد في الحركة الاستثمارية العربية بين الأقطار العربية وإن كانت نسبة تلك الاستثمارات لمجمل الاستثمارات العربية داخل الوطن العربي صغيرة.  وتقدّر الاستثمارات العربية من ودائع واستثمارات مباشرة خارج الوطن العربي بأكثر من ثلاثة ألاف مليار دولار بينما الاستثمارات العربية في الوطن العربي لم تتجاوز خمس مائة مليار دولار معظمها في قطاع الطاقة.  وهذه الاستثمارات العربية (خارج قطاع الطاقة) محصورة في قطاعات غير منتجة كالاستثمار العقاري بكافة أشكاله (فنادق ومنتجعات ومراكز تجارية) أي استثمارات لا تؤدي إلى التراكم الرأس المالي وإن أدّت إلى تفعيل قطاعات تابعة كقطاع الإسمنت وبعض العمالة.  كما أن الطابع الأساسي لهذه الاستثمارات هو الريع الذي يبقي الاقتصاد القطري منكشفا وتابعا لمراكز قرار خارجية.  فالاستثمارات المطلوبة في رأينا هي للقطاعات الإنتاجية من السلع وحتى من الخدمات التي تأتي بقيمة مضافة متزايدة عبر اقتباس التكنولوجيات الحديثة وخاصة فيما يتعلّق بالذكاء الاصطناعي.  فعلى سبيل المثال وليس الحصر إن الاستثمار في قطاعات المعرفة العلمية هي التي ستوّلد القيمة المضافة.  ونذكّر هنا أن أساس الثروة في التاريخ الاقتصادي لدول الغرب كان في ملكية الأرض في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بينما أصبح الرأس المال مصدر الثروة في القرن العشرين.  أما في قرن الحادي وعشرين فإن مصدر الثروة هو المعرفة وأساس المعرفة هو العلم. 
أما الوجه الآخر لحركة رؤوس الأموال العربية فهو الاستثمار في المؤسسات المالية القائمة وخاصة تلك الاستثمارات التي مصدرها الريع النفطي.  والقطاع المالي العربي بشكل عام مولج بتدوير الفوائض المالية الناتجة عن الريع النفطي.  وهنا أيضا ثمة شكوك في جدوى تلك الاستثمارات التي لا تساهم في تكوين الرأس المال أو الزيادة في القيمة المضافة للنشاط الاقتصادي.
إن العمل التعاوني العربي ما زال محدود الآفاق بسبب بنية الاقتصاد العربي الذي يرتكز على توزيع الريع بدلا من إنتاج الثروة وبالتالي يغيّب القرار السياسي لدفع المزيد من التعاون.  لكن وللإنصاف لا بد من الإقرار بأن الجهود المشتركة لم تتوقف لإقامة نوع من التجمع الاقتصادي بين الأقطار العربية.  فكمية القرارات التي صدرت والتزايد في الأجهزة المؤسسة التي أنشئت للإشراف على التجمع الاقتصادي ما زالت مستمرة.  لكن العبرة كانت وما زالت في التطبيق وترجمة العمل القانوني والمؤسسي إلى واقع متجذر في البنية الاقتصادية العربية.  ومن المعالم المشرقة ما تّم إنجازه في دول مجلس التعاون العربي وإن كانت اقتصادات تلك الدول مبنية على الريع المالي النفطي.  كما لا بد من الإشارة إلى المؤسسات التي تمّ إنشاؤها كالصناديق الإنمائية العربية أي كل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (1967) وصندوق النقد العربي (1976).  أما الصناديق الوطنية فهي الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية (1961) وصندوق أبو ظبي للتنمية (1974) وإن كانت قطرية أساسا فإن مداخلاتها الإٌنمائية تؤثر إيجابا على شد أواصر التعاون العربي.  أضف إلى ذلك ما يعرف اليوم بالصناديق المالية السيادية التي أصبحت لاعبا أساسيا في الحقل الاستثماري العالمي.  ولعل أهم ما يميّز هذه الصناديق هو رسملتها بصورة تسمح لها بالقيام بالعمل المنوط بها بصورة فاعلة.  وهذه الصناديق تستطيع أن تساهم في رأس مال المشاريع العربية المشتركة كمشاريع الطاقة أو مشاريع بنيوية مشتركة كربط شبكات الكهرباء بعضها ببعض.  لكن التطبيع الذي قامت به بعض الدول صاحبة الصناديق السيادية قد تعطّل مشاريعها الاستثمارية في الأقطار العربية للاشتباه بدور ما للكيان الصهيوني العدو فيها.
ب-المشاريع الوحدوية
القائمة المقترحة هي على سبيل المثال وليس الحصر وقد تخضع لإضافات وفقا للحاجة.
1-القائمة. المشروع الأول هو بناء السكك الحديدية تحت شعار (سكة عربية واحدة لأمة عربية واحدة) التي تربط بين أقطار الأمة وتساهم في نقل المواطنين العرب والبضائع التي تنتجها لتنمية التجارة البينية بين الأقطار والتي ما زالت ضعيفة حتى الآن.  فمعظم التجارة الخارجية العربية تصدّر سلعها إلى الخارج وتستورد معظم حاجياتها منه دون التركيز على الأسواق العربية.  صحيح أنه سبق للجامعة العربية إقرار السوق العربية المشتركة لكنها ظلّت حبرا على ورق بسبب غياب الإرادة السياسية للنخب الحاكمة وبسبب هيكلية الاقتصاد لهذه الأقطار التي تركّز على الريع كمصدر أساسي لإنتاج الثروة كما أشرنا في أبحاث عدة.
المشروع الثاني هو تشبيك شبكات الطاقة بين كافة الأقطار.
المشروع الثالث هو تشبيك قنوات وأنابيب المياه بين كافة الأقطار.
المشروع الرابع هو تشبيك أنابيب النفط والغاز بين كافة الأقطار.
المشروع الخامس هو خطوط المواصلات السلكية واللاسلكية وشبكات الانترنت السريع وفائق السرعة وخاصة تلك المبتكرة والمصنّعة عربيا.
المشروع السادس إنشاء اسطول عربي لنقل البضائع العربية.
المشروع السابع توحيد خطوط الطيران العربي وسائر وسائل النقل البرّية.
المشاريع الثنائية على حدود مشتركة (لبنان وسورية، سورية والعراق والأردن، الجزائر وتونس وليبيا والمغرب وموريتانيا، مصر وليبيا والسودان، السودان والصومال وجيبوتي)
يمكن إضافة مشاريع أخرى كما يمكن الاكتفاء بمشروع واحد كبداية للعمل من أجل استنهاض العمل الوحدوي.
2-آلية العمل